الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            396 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أنا حاجب بن أحمد الطوسي، نا عبد الله بن هاشم، نا وكيع، نا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله، قال: جاء عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، فجعل يسب كفار قريش، ويقول: يا رسول الله، والله ما صليت صلاة العصر حتى كادت أن تغيب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأنا والله ما صليتها بعد"، قال: فنزل إلى بطحان، فتوضأ وصلى العصر بعد ما غابت الشمس، ثم صلى المغرب بعدها.

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد بن يحيى، وأخرجه مسلم، عن إسحاق بن إبراهيم، كلاهما عن وكيع [ ص: 244 ] قوله في الحديث: "لا كفارة لها إلا ذاك" قال الخطابي: يحتمل وجهين: أحدهما: أنه لا يكفرها غير قضائها، والآخر: أنه لا يلزمه في نسيانها غرامة، ولا زيادة تضعيف، ولا كفارة من صدقة، ونحوها، كما تلزم في ترك الصوم من رمضان من غير عذر الكفارة، وكما تلزم المحرم إذا ترك شيئا من نسكه فدية من دم أو إطعام، إنما يصلي ما ترك سواء.

                                                                            وليس هذا على العموم حتى يلزمه إن كان في صلاة أن يقطعها، ولكن معناه: أن لا يغفل أمرها، ويشتغل بغيرها، فإن في حديث أبي قتادة أنهم لما ناموا عن صلاة الفجر، ثم انتبهوا بعد طلوع الشمس، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقودوا رواحلهم، ثم صلاها.

                                                                            وفي هذا الحديث دليل على أنه إذا ذكر الفائتة في وقت النهي صلى ولم يؤخر، وفيه دليل على أن أحدا لا يصلي عن أحد كما يحج عنه، وأن الصلاة لا تجبر بالمال كما يجبر الصوم.

                                                                            قلت: وذهب أصحاب الرأي إلى أن من مات وفي ذمته صلاة يطعم عنه.

                                                                            قلت: وفي هذا الحديث دليل على أن الفوائت تقضى مرتبة، وهو قول عبد الله بن عمر، روي أنه قال: "من نسي صلاة فلم يذكرها [ ص: 245 ] إلا وهو مع الإمام، فإذا سلم الإمام، فليصل الصلاة التي نسي، ثم ليصل بعدها الصلاة الأخرى".

                                                                            قال إبراهيم: من ترك صلاة واحدة عشرين سنة، لم يعد إلا تلك الصلاة الواحدة [ ص: 246 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية