الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب المحدث لا يمس المصحف.

                                                                            قال الله سبحانه وتعالى: ( لا يمسه إلا المطهرون ) ، قال مالك: أحسن ما سمعت في هذه الآية أنها بمنزلة الآية التي في عبس: ( كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة ) .

                                                                            275 - أنا أبو الحسن الشيرزي، أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: "أن لا يمس القرآن إلا طاهر" [ ص: 48 ] والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن المحدث أو الجنب لا يجوز له حمل المصحف ولا مسه.

                                                                            وقال مالك: "لا يحمل المصحف بعلاقته، ولا على وسادة إلا وهو طاهر إكراما للقرآن، وتعظيما له".

                                                                            وجوز الحكم، وحماد، وأبو حنيفة حمله ومسه.

                                                                            وقال أبو حنيفة: "لا يمس الموضع المكتوب".

                                                                            وكان أبو وائل يرسل جاريته وهي حائض إلى أبي رزين لتأتيه بالمصحف، فتمسكه بعلاقته.

                                                                            وكان الشعبي لا يرى بأسا أن يأخذ بعلاقة المصحف غير طاهر.

                                                                            وكره بعضهم النفخ في المصحف.

                                                                            وسئل سعيد بن المسيب عن القرآن تلبسه الحائض والجنب؟ قال: لا بأس إذا كان في حريرة أو قصبة.

                                                                            وعن عطاء في المرأة الحائض في عنقها التعويذ، فقال: إن كان في أديم فلتنتزعه، وإن كان في قصبة من فضة فلا بأس.

                                                                            فأما قراءة القرآن عن ظهر القلب، فاتفقوا على جوازها للمحدث غير أنه لا يسجد للتلاوة، وجوزوا له الاعتكاف في المسجد. [ ص: 49 ] .

                                                                            روي عن محمد بن سيرين، أن عمر بن الخطاب كان في قوم وهو يقرأ، فقام لحاجة، ثم رجع وهو يقرأ، فقال رجل: لم تتوضأ يا أمير المؤمنين وأنت تقرأ؟! فقال عمر: "من أفتاك بهذا؟! أمسيلمة!".

                                                                            وقال منصور، عن إبراهيم: لا بأس بالقراءة في الحمام، وبكتب الرسالة على غير وضوء.

                                                                            قال الإمام رضي الله عنه: وهذا قول عامة أهل العلم، جوزوا للمحدث والجنب حمل ما سوى القرآن من الكتب.

                                                                            وقال حماد، عن إبراهيم في التسليم في الحمام: إن كان عليهم إزار فسلم، وإلا فلا يسلم.

                                                                            وكان يروي عن أبي وائل، قال: كان يقال: لا يقرأ في الحمام. [ ص: 50 ] .

                                                                            وكره سعيد بن المسيب أن يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم على رأس الشعر.

                                                                            وكان مجاهد يقرأ وهو يصلي، فوجد ريحا، فأمسك عن القراءة حتى ذهبت.

                                                                            وقال رجل لعطاء: أقرأ القرآن فيخرج مني الريح، قال: تمسك عن القراءة حتى تنقضي الريح.

                                                                            قال معمر، عن قتادة: لقد كان يستحب أن لا تقرأ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم إلا على الطهارة. [ ص: 51 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية