الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            516 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا أبو نعيم، نا شيبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، سمعت أبا هريرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "من صلى في ثوب، فليخالف بين طرفيه". [ ص: 423 ] .

                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            قلت: المراد منه أنه لا يشد الثوب على وسطه، فيصلي مكشوف المنكبين، بل يتزر به، ويرفع طرفيه، فيخالف بينهما، ويشده على أعتاقه، فيكون بمنزلة الإزار والرداء، وهذا إذا كان الثوب واسعا، فإن كان ضيقا، شده على حقوه.

                                                                            وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لجابر في الثوب الواحد: "إذا كان واسعا، فالتحف به، وإن كان ضيقا فاتزر به".

                                                                            وأراد بالالتحاف: الاشتمال به مخالفا بين طرفيه على عاتقيه، أو يتزر بأحد طرفيه، ويرتدي بالآخر.

                                                                            وروي عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قال: قال عمر: "إذا كان لأحدكم ثوبان، فليصل فيهما، فإن لم يكن إلا ثوب فليتزر، ولا يشتمل اشتمال اليهود". [ ص: 424 ] .

                                                                            قال الخطابي: فاشتمال اليهود، أن يجلل بدنه الثوب، ويسدله من غير أن يشيل طرفه.

                                                                            فأما اشتمال الصماء الذي جاء في الحديث، وهو أن يجلل بدنه الثوب، ثم يرفع طرفيه على عاتقه من أحد جانبيه، فيبدو منه فرجه، وقد جاء هذا التفسير في الحديث، وإليه ذهب الفقهاء.

                                                                            وفسر الأصمعي الصماء بالأول، فقال: هو عند العرب أن يشتمل بثوبه، فيجلل به جسده كله، ولا يرفع منه جانبا يخرج منه يده، وربما اضطجع على هذه الحالة.

                                                                            قال أبو عبيد: كأنه يذهب إلى أنه لا يدري لعله يصيبه شيء يحتاج أن يقيه بيديه ولا يقدر، لكونهما في ثيابه. [ ص: 425 ] .

                                                                            قلت: وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن الصماء"، " الصماء: اشتمال اليهود، فجعلهما شيئا واحدا.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية