الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            289 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، نا أبو العباس الأصم.

                                                                            ح وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أخبرنا أبو بكر الحيري، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، أنا ابن عيينة، عن أيوب بن أبي تميمة، عن ابن سيرين، [ ص: 74 ] عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات، أولاهن أو أخراهن بتراب".

                                                                            هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم، عن زهير بن حرب، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين.

                                                                            ومحمد بن سيرين: كنيته أبو بكر، مولى أنس بن مالك الأنصاري، بصري، مات بعد الحسن البصري، يقال: مات الحسن سنة عشر ومائة، ومات ابن سيرين بعده بمائة يوم.

                                                                            ورواه عبد الله بن مغفل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عفروا الثامنة بالتراب".

                                                                            وروى معتمر بن سليمان، عن أيوب، حديث أبي هريرة، وزاد فيه: "وإذا ولغت الهرة غسل مرة".

                                                                            وأكثر الرواة لم يذكروا فيه الهرة، وعامة أهل العلم على طهارة سؤر الهرة، لحديث أبي قتادة. [ ص: 75 ] .

                                                                            قال الإمام: ذهب أكثر أهل الحديث إلى أن الكلب إذا شرب من إناء فيه ماء قليل أو مائع آخر، أنه ينجس ولا يطهر إلا بأن يغسل سبع مرات إحداهن مكدرة بالتراب، وقال مالك، والأوزاعي: "لا ينجس الماء، ولكن يجب غسله سبعا تعبدا".

                                                                            وقال أصحاب الرأي: لا عدد في غسله، ولا تعفير، بل هو كسائر النجاسات.

                                                                            وقاس الشافعي الخنزير على الكلب في أنه إذا شرب من إناء أو أصاب بدنه مكانا رطبا يجب غسله سبع مرات إحداهن بالتراب.

                                                                            وعامة أهل العلم على أن الكلب مخصوص به، لأن العرب كانت تقرب الكلاب من أنفسها وتألفها، فلما كانت نجاسة مألوفة غلظ الشرع الحكم في غسلها، فطما لهم عن عادتهم، كالخمر لما كانت نجاسة مألوفة، غلظ الأمر في شربها بإيجاب الحد بخلاف سائر النجاسات، فأما إذا أصاب بدنه اليابس مكانا يابسا، أو مشى على مكان يابس، فلا ينجس، روي عن ابن عمر، قال: "كنت أبيت في المسجد، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد، فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك". [ ص: 76 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية