الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            351 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا مسلم بن [ ص: 190 ] إبراهيم، نا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن محمد بن عمر، وهو ابن الحسن بن علي، قال: سألنا جابر بن عبد الله عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: فقال: كان يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب إذا وجبت، والعشاء إذا كثر الناس عجل، وإذا قلوا أخر، والصبح بغلس.

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم، عن محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة.

                                                                            قلت: أكثر أهل العلم من الصحابة، والتابعين، فمن بعدهم، على "أن تعجيل الصلوات في أول الوقت أفضل، إلا العشاء، والظهر في شدة الحر، فإنه يبرد بها"، وإنما صاروا إلى التعجيل في الصلوات، لقوله سبحانه وتعالى: ( حافظوا على الصلوات ) والمحافظة في التعجيل ليأمن من الفوت بالنسيان والشغل.

                                                                            وروي عن عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، [ ص: 191 ] والوقت الآخر عفو الله".

                                                                            قال الشافعي: رضوان الله إنما يكون للمحسنين، والعفو يشبه أن يكون عن المقصرين.

                                                                            روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال له: " يا علي، ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفئا " وذهب بعضهم إلى تأخير الصلوات إلى آخر الوقت، وهو قول أصحاب الرأي إلا الحاج، فإنه يغلس يوم النحر بالمزدلفة. [ ص: 192 ] .

                                                                            وقول أبي برزة في العشاء: "كان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها"، فأكثر أهل العلم على كراهية النوم قبل العشاء، قال عبد الله بن المبارك: أكثر الأحاديث على الكراهية، ورخص بعضهم فيه، وكان ابن عمر يرقد قبلها، ورخص بعضهم فيه في رمضان.

                                                                            قلت: إذا غلبه النوم لم يكره له إذا لم يخف فوت الوقت.

                                                                            قالت عائشة: أعتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعشاء حتى ناداه عمر: الصلاة، نام النساء، والصبيان.

                                                                            أما السمر بعد العشاء، فقد اختلف أهل العلم من الصحابة، فمن بعدهم في كراهيته، فكرهه بعضهم على ظاهر حديث أبي برزة، كان سعيد بن المسيب يكره النوم قبلها، والحديث بعدها، وكان يقول: لأن أنام عن العشاء أحب إلي من أن ألغو بعدها.

                                                                            ورخص بعضهم في الحديث بعد العشاء في العلم، وفيما لا بد منه من الحوائج، ومع الأهل والضيف، وأكثر الحديث على الرخصة فيه.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية