الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب التثويب.

                                                                            408 - أخبرنا عمر بن عبد العزيز الفاشاني، أنا القاسم بن جعفر الهاشمي، أنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي، نا أبو داود سليمان بن الأشعث، نا مسدد، نا الحارث بن عبيد، عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله، علمني سنة الأذان، قال: فمسح مقدم رأسه، قال: " تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ترفع بها صوتك، ثم تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، تخفض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بالشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، فإن كان صلاة الصبح، قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، [ ص: 264 ] الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله "، قلت: التثويب في أذان الصبح سنة عند كثير من أهل العلم، لما روي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بلال، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر" وإسناده ضعيف.

                                                                            والتثويب: هو أن يقول في أذان الصبح بعد قوله: حي على [ ص: 265 ] الفلاح: "الصلاة خير من النوم" مرتين، كما روينا عن أبي محذورة، وهو قول عبد الله بن عمر، وإليه ذهب ابن المبارك، والشافعي، وأحمد.

                                                                            روي أن المؤذن جاء عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح، فوجده نائما، فقال: الصلاة خير من النوم، فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح.

                                                                            سمي تثويبا من: ثاب: إذا رجع، لأنه يرجع إلى دعائهم بقوله: الصلاة خير من النوم، بعد ما دعاهم إليها بقوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح، وقد جاء التثويب في الحديث بمعنى الإقامة، قال: "إذا ثوب بالصلاة فلا تأتوها تسعون" وكل داع مثوب، والأصل فيه الرجل يجيء مستصرخا، فيلوح بثوبه، وأصل التثويب: رفع الصوت بالإعلام.

                                                                            قال إسحاق: التثويب غير هذا، هو شيء أحدثه الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن فاستبطأ الإمام، قال بين الأذان والإقامة: "حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة"، وهذا الذي قاله إسحاق في التثويب كرهه أهل العلم، لأنه محدث.

                                                                            روي عن مجاهد، قال: دخلت مع عبد الله بن عمر مسجدا قد أذن فيه، فثوب المؤذن، فخرج عبد الله بن عمر من المسجد، وقال: أخرج [ ص: 266 ] من عند هذا المبتدع، ولم يصل فيه، وإنما كره عبد الله بن عمر التثويب الذي أحدثه الناس.

                                                                            قلت: وروي عن مجاهد، قال: ثوب رجل في الظهر أو العصر، فقال ابن عمر: اخرج بنا، فقال: إن هذه بدعة.

                                                                            قلت: ويستحب أن يكون المؤذن على الطهارة حالة ما يؤذن، وروي عن أبي هريرة، أنه قال: لا يؤذن إلا متوضئ.

                                                                            ورفعه بعضهم، والوقف أصح.

                                                                            وكره بعض أهل العلم أذان المحدث، وهو قول عطاء، وبه قال الشافعي، وأحمد، قال الشافعي: وأنا للأذان جنبا أكره مني للأذان محدثا، وأنا للإقامة محدثا أكره مني للأذان محدثا. [ ص: 267 ] .

                                                                            ورخص فيه قوم، قال إبراهيم: لا بأس أن يؤذن على غير وضوء.

                                                                            قال الثوري، وابن المبارك: ولو تكلم في أذانه ولم يطل أتم أذانه، تكلم سليمان بن صرد في أذانه، قال الحسن: لا بأس أن يضحك وهو يؤذن أو يقيم [ ص: 268 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية