الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            314 - أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد الحنيفي، أنا أبو الحارث طاهر بن محمد الطاهري السهلي، أنا أبو محمد الحسن بن محمد بن حليم، نا أبو الموجه محمد بن عمرو بن الموجه، أنا صدقة، أنا عبد الرحمن، نا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: كانت اليهود إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله سبحانه وتعالى: ( ويسألونك عن المحيض ) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "افعلوا كل شيء إلا الجماع"، فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع لنا شيئا إلا خالفنا فيه، فجاء عباد بن بشر، وأسيد بن حضير، فقالا: يا رسول الله، ألا نجامعهن؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أنه وجد عليهما، فخرجا من عنده، فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، [ ص: 126 ] فبعث في آثارهما فسقاهما، فعرفا أنه لم يجد عليهما "، وأخبرنا عمر بن عبد العزيز، أنا القاسم بن جعفر، أنا أبو علي اللؤلؤي، نا أبو داود، حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد، بهذا وقال: "جامعوهن في البيوت، واصنعوا كل شيء غير النكاح".

                                                                            هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم، عن زهير بن حرب، عن عبد الرحمن بن مهدي.

                                                                            قال الإمام: اتفق أهل العلم على تحريم غشيان الحائض، ومن فعله عالما عصى، ومن استحله كفر، لأنه محرم بنص القرآن، ولا يرتفع التحريم حتى ينقطع الدم وتغتسل عند أكثر أهل العلم، وهو قول سالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، ومجاهد، والحسن، وإبراهيم، وإليه ذهب عامة العلماء، لقوله سبحانه وتعالى: ( فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) أي: اغتسلن.

                                                                            وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجوز غشيانها بعد ما انقطع دمها لأكثر الحيض قبل الغسل.

                                                                            واختلف أهل العلم في وجوب الكفارة بوطء الحائض، فذهب أكثرهم إلى أنه يستغفر الله ولا كفارة عليه، وهو قول سعيد بن [ ص: 127 ] المسيب، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، والقاسم، وعطاء، والشعبي، وابن سيرين، وبه قال ابن المبارك، والشافعي، وأصحاب الرأي.

                                                                            وذهب جماعة إلى إيجاب الكفارة بإتيان الحائض، ومنهم قتادة، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وقاله الشافعي في القديم، لما.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية