الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            406 - أخبرنا عمر بن عبد العزيز، أنا القاسم بن جعفر، أنا أبو علي اللؤلؤي، نا أبو داود، حدثنا محمد بن بشار، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، قال: سمعت أبا جعفر يحدث، عن مسلم أبي المثنى، عن ابن عمر، قال: إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة، غير أنه يقول: "قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة"، فإذا سمعنا الإقامة [ ص: 256 ] توضأنا، ثم خرجنا إلى الصلاة.

                                                                            قال شعبة: لم أسمع من أبي جعفر غير هذا الحديث، وأبو جعفر هذا مؤذن مسجد العريان، وأبو المثنى مؤذن مسجد الأكبر، وعليه عامة الناس في عامة البلدان، وعند مالك تفرد هذه الكلمة، واختلفت الرواية عن سعد القرظ فيها.

                                                                            وذهب قوم إلى أن الإقامة مثنى مثنى، وإليه ذهب سفيان الثوري، وابن المبارك، وأصحاب الرأي.

                                                                            قلت: واختلفت الرواية عن رؤيا عبد الصمد بن زيد بن عبد ربه الأنصاري في الإقامة، فيروى فيها التثنية، وأصح الروايات رواية [ ص: 257 ] محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، عن أبيه، وفيها إفراد الإقامة، ذكره أبو داود السجستاني في السنن.

                                                                            وروي عن عبد الله بن محمد بن محيريز، عن أبي محذورة، أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة. [ ص: 258 ] .

                                                                            وقد روي عن أبي محذورة إفراد الإقامة، غير أن التثنية عنه أشهر مع الترجيع في الأذان، وإليه ذهب محمد بن إسحاق بن خزيمة أنه يرجع في الأذان، ويثني الإقامة.

                                                                            قال أبو سليمان الخطابي: ويشبه أن يكون العمل من أبي محذورة ومن ولده من بعده، إنما استمر على إفراد الإقامة، إما لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بذلك بعد الأمر الأول بالتثنية، وإما لأنه قد بلغه أنه أمر بلالا بإفراد الإقامة فاتبعه، وكان أمر الأذان ينقل من حال إلى حال.

                                                                            وقيل لأحمد بن حنبل، وكان يأخذ في هذا بأذان بلال: أليس أذان أبي محذورة بعد أذان بلال؟ فقال: أليس لما عاد إلى المدينة أقر بلالا على أذانه؟! [ ص: 259 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية