الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            402 - وأخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا أبو نعيم، نا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس، فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته".

                                                                            هذا حديث صحيح، فهذا يصرح بما قلنا، وهو أنه يبني على ما مضى قبل الطلوع، وقبل الغروب.

                                                                            وقد أورده الحاكم أبو عبد الله في المستدرك على شرط الصحيحين بإسناده، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من صلى ركعة من صلاة الصبح، ثم طلعت الشمس، فليتم صلاته".

                                                                            قوله: "إذا أدرك سجدة" أراد ركعة بركوعها وسجودها، [ ص: 251 ] والصلاة تسمى سجودا كما تسمى ركوعا، قال الله سبحانه وتعالى: ( ومن الليل فاسجد له ) أي: صل، كما قال الله عز وجل: ( واركعوا مع الراكعين ) أي: مع المصلين، سمى الركعة سجدة، لأن تمامها بها.

                                                                            وفي الخبر دليل على أن المعذور إذا زال عذره، وقد بقي من الوقت مقدار ركعة، يلزمه تلك الصلاة، مثل أن أفاق المجنون، أو بلغ الصبي، أو طهرت الحائض أو النفساء، أو أسلم الكافر قبل طلوع الشمس بقدر ركعة، يلزمه صلاة الصبح، وإن كان قبل الغروب يلزمه صلاة العصر، وإن كان قبل طلوع الفجر، يلزمه صلاة العشاء، وإن كان أقل من قدر ركعة، لا يلزمه.

                                                                            وذهب الشافعي في قوله الجديد إلى أنه وإن أدرك قدر الإحرام من الوقت يلزمه الصلاة، حتى قال: لو أدرك من آخر وقت العصر قدر الإحرام، يلزمه الظهر مع العصر، وكذلك لو أدرك قبل طلوع الفجر الصادق قدر الإحرام، يلزمه صلاة المغرب والعشاء جميعا؛ لأنهما صلاتان وقتهما واحد في عذر السفر، حتى يجوز للمسافر الجمع بينهما، فكذلك في هذه الأعذار إذا أدرك شيئا من وقت الآخرة، لزمته الأولى معها. [ ص: 252 ] .

                                                                            وممن ذهب إلى أن من أدرك من آخر وقت العصر شيئا يلزمه الظهر والعصر جميعا، أو من آخر وقت العشاء شيئا يلزمه صلاة المغرب والعشاء جميعا: عطاء، وطاوس، ومجاهد، قالوا: إذا طهرت الحائض قبل الفجر صلت المغرب، والعشاء، وإذا طهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر، ويروى ذلك عن ابن عباس، وهو قول إبراهيم، والحكم.

                                                                            وقال مالك: إذا طهرت بعد العصر تصلي الظهر والعصر، فإن كان طهرها قريبا من مغيب الشمس تصلي العصر، ولا تصلي الظهر، أما إذا كان طهرها بعد مغيب الشمس، فاتفقوا على أنه لا يلزمها شيء من الصلاتين، وقال الحسن: إذا طهرت في وقت صلاة صلت تلك الصلاة، ولا تصلي غيرها.

                                                                            ولو حاضت المرأة بعد ما دخل عليها وقت الصلاة، ومضى إمكان الأداء، يجب عليها قضاء تلك الصلاة، وإن حاضت قبل إمكان الأداء، فلا قضاء عليها، وقال سعيد بن جبير: إذا حاضت في وقت الصلاة، فليس عليها قضاء [ ص: 253 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية