الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            312 - أخبرنا عمر بن عبد العزيز، أخبرنا القاسم بن جعفر الهاشمي، أنا أبو علي اللؤلؤي، نا أبو داود، نا عبد الأعلى، نا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن حضين بن المنذر، [ ص: 117 ] عن المهاجر بن قنفذ، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، وقال: " إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر، أو قال: على طهارة " وروي عن ابن عمر قال: مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يرد عليه.

                                                                            ففيه بيان أن رد السلام وإن كان فرضا واجبا، فالمسلم على الرجل في مثل هذه الحالة مضيع حظ نفسه، فلا يستحق الجواب.

                                                                            وفيه دليل على كراهية الكلام على قضاء الحاجة حيث لم يخبره، ولم يعتذر إليه قبل الفراغ.

                                                                            وفي الحديث دليل على أن من أراد ذكر الله في الحضر، وهو على غير طهارة ولا ماء معه أنه يتيمم.

                                                                            وقال الأوزاعي في الجنب إذا خاف طلوع الشمس: لو اغتسل صلى بالتيمم. [ ص: 118 ] .

                                                                            وقال أصحاب الرأي: إذا خاف فوت صلاة الجنازة، أو صلاة العيد، لو اشتغل بالوضوء صلى بالتيمم مع وجود الماء، ولم يجوزوا صلاة الجمعة بالتيمم مع وجود الماء، وإن خاف فوتها مع كونها آكد من صلاة الجنازة والعيد.

                                                                            فلا يجوز عند الشافعي أداء صلاة ما بالتيمم، وهو يقدر على الوضوء، فإن لم يجد في المصر ماء، صلى بالتيمم، وأعاد إذا قدر على الماء، وبه قال عطاء: إنه يصلي بالتيمم، وكذلك قال الشافعي: "إذا لم يجد ماء ولا ترابا، صلى لحق الوقت، ثم أعاد إذا قدر على أحد الطهورين".

                                                                            وقال الحسن في المريض عنده الماء ولا يجد من يناوله: تيمم، وأوجب أصحاب الشافعي إعادة الصلاة إذا قدر على من يناوله الماء، فأما من صلى بالتيمم في السفر لعدم الماء، أو تيمم لمرض مخوف في السفر أو الحضر، ثم برأ، أو قدر على استعمال الماء، فلا قضاء عليه، سواء كان جنبا أو محدثا، وسواء كان الوقت باقيا أو فائتا، وهو قول أكثر أهل العلم.

                                                                            روي عن ابن عمر، أنه أقبل من الجرف، حتى إذا كان بالمربد تيمم فمسح وجهه ويديه، وصلى العصر، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة، ولم يعد الصلاة، وهذا قول سعيد بن المسيب، والشعبي، وإليه [ ص: 119 ] ذهب مالك، وسفيان، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.

                                                                            وذهب قوم إلى أنه يعيد إن كان الوقت باقيا، وهو قول عطاء، وطاوس، وابن سيرين، ومكحول، والزهري.

                                                                            فأما إذا وجد المتيمم الماء في خلال الصلاة يتمها عند بعض أهل العلم، وهو قول مالك، والشافعي.

                                                                            وذهب جماعة إلى أنه يستأنف الصلاة بالوضوء، وهو قول أصحاب الرأي، وذهب جماعة إلى أنه إذا دخل وقت الصلاة ولا ماء معه، وكان على رجاء من وجود الماء، يؤخر الصلاة عن أول الوقت، وهو قول عطاء، وبه قال مالك، وسفيان، وأحمد، وأصحاب الرأي، وهو قول الشافعي.

                                                                            وذهب قوم إلى أنه يعجل الصلاة بالتيمم، روي عن ابن عمر، أنه أقبل من الجرف، حتى إذا كان بالمربد تيمم وصلى العصر، ثم دخل المدينة، والشمس مرتفعة، ولم يعد الصلاة.

                                                                            فأما إذا كان لا يرجو وجود الماء، فذهب قوم إلى أنه يؤخر أيضا، قال الزهري: لا يتيمم حتى يخاف ذهاب الوقت. [ ص: 120 ] .

                                                                            والجريح إذا قدر على غسل بعض أعضاء طهارته، عليه أن يغسل الصحيح، ويتيمم لأجل الجريح، سواء كان أكثر أعضائه صحيحا أو جريحا، لما.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية