الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          1665 - (د) : خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، القرشي الأموي، أبو هاشم الدمشقي، أخو عبد الرحمن بن يزيد، ومعاوية بن يزيد، وأمه أم هاشم بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس العبشمية .

                                                                          روى عن : دحية الكلبي (د) ، وأبيه يزيد بن معاوية .

                                                                          [ ص: 202 ] روى عنه : إبراهيم بن أبي حرة الحراني، ويقال النصيبي ، وخالد بن عامر الزبادي الإفريقي ، ورجاء بن حيوة ، والعباس بن عبيد الله بن العباس، ويقال : عبيد الله بن عباس (د) ، وعلي بن رياح اللخمي ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، وأبو الأخضر مولاه ، وأبو الأعيس الخولاني ، وأبو وريزة العنسي .

                                                                          ذكره ابن سميع في الطبقة الثالثة من أهل الشام، وقال : داره دار الحجارة باب الدرج شرقي المسجد.

                                                                          وقال أبو حاتم : هو من الطبقة الثالثة من تابعي أهل الشام.

                                                                          وقال الزبير بن بكار : كان يوصف بالعلم وبقول الشعر، قال عمي مصعب بن عبد الله : زعموا أنه هو الذي وضع ذكر السفياني وكثره، وأراد أن يكون للناس فيهم مطمع حين غلبه مروان بن الحكم على الملك، وتزوج أمه أم هاشم، وقد كانت أمه تكنى به، ولها يقول أبوه يزيد بن معاوية :


                                                                          وما نحن يوم استعيرت أم خالد بمرضى ذوي داء ولا بصحاح

                                                                          وقال أبو سعيد ابن يونس : قدم مصر مع مروان بن الحكم.

                                                                          [ ص: 203 ] وقال أبو زرعة الدمشقي عن أبي مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز ، قال أصحابنا : إن خالد بن يزيد بن معاوية كان إذا لم يجد أحدا يحدثه، حدث جواريه، ثم يقول : إني لأعلم أنكن لستن له بأهل، يريد بذلك الحفظ.

                                                                          قال : فمعاوية وعبد الرحمن وخالد إخوة، وكانوا من صالحي القوم.

                                                                          وقال عقيل، عن ابن شهاب : إن خالد بن يزيد بن معاوية كان يصوم الأعياد كلها : السبت، والأحد، والجمعة.

                                                                          وقال الزبير بن بكار : حدثني محمد بن سلام ، عن بعض العلماء قال : ثلاثة أثبات من قريش توالت خمسة خمسة في الشرف، كل رجل منهم من أشرف أهل زمانه : خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، وعمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف.

                                                                          وقال الأصمعي، عن عمرو بن عتبة، عن أبيه : تهدد عبد الملك بن مروان خالد بن يزيد بن معاوية بالحرمان والسطوة، فقال خالد : أتهددني ويد الله فوقك مانعة، وعطاؤه دونك مبذول؟! وقال مسعود بن بشر، عن الأصمعي : قيل لخالد بن يزيد بن معاوية : ما أقرب شيء؟ قال : الأجل، قيل : فما أبعد شيء؟ قال : الأمل، قيل : فما أرجى شيء؟ قال : العمل، قيل : فما أوحش شيء؟ قال : الميت، قيل : فما آنس شيء؟ قال : الصاحب المواتي.

                                                                          [ ص: 204 ] وقال ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن خالد بن يزيد بن معاوية : إذا كان الرجل مماريا لجوجا معجبا برأيه، فقد تمت خسارته.

                                                                          وقال إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن عبد الله : إن الحجاج بن يوسف سأل خالد بن يزيد عن الدنيا، قال : ميراث. قال : فالأيام؟ قال : دول. قال فالدهر؟ قال : أطباق، والموت بكل سبيل، فليحذر العزيز الذل، والغني الفقر، فكم من عزيز قد ذل! وكم من غني قد افتقر!.

                                                                          وقال أبو حاتم السجستاني، عن العتبي : لزم خالد بن يزيد بيته، فقيل له : كيف تركت مجالسة الناس وقد عرفت فضلها ولزمت بيتك؟ قال : وهل بقي إلا حاسد على نعمة أو شامت بنكبة.

                                                                          وقال معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن خالد بن يزيد أنه كان عند عبد الملك بن مروان فذكروا الماء، فقال خالد بن يزيد : منه من السماء، ومنه ما يسفيه الغيم من البحر، فيعذبه الرعد والبرق، فأما ما يكون من البحر فلا يكون له نبات، وأما النبات فما كان من ماء السماء، وقال : إن شئت أعذبت ماء البحر، قال : فأمر بقلال من ماء، ثم وصف كيف يصنع به حتى يعذب.

                                                                          وقال هشام بن عمار، عن المغيرة بن المغيرة الرملي، عن عروة بن رويم، عن رجاء بن حيوة، عن خالد بن يزيد بن معاوية : بينا أنا أسير في أرض الجزيرة إذ مررت برهبان وقسيسين وأساقفة، فسلمت، فردوا السلام، قلت : أين تريدون؟ قالوا : نريد راهبا في هذا الدير، نأتيه في كل عام، فيخبرنا بما يكون في ذلك العام حتى لمثله من قابل، فقلت : [ ص: 205 ] لآتين هذا الراهب فلأنظرن ما عنده، وكنت معنيا بالكتب، فأتيته وهو على باب ديره، فسلمت، فرد السلام، ثم قال : ممن أنت؟ فقلت : من المسلمين، قال : أمن أمة أحمد؟ فقلت : نعم، فقال : من علمائهم أنت أم من جهالهم؟ قلت : ما أنا من علمائهم ولا أنا من جهالهم، قال : فإنكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة فتأكلون من طعامها، وتشربون من شرابها، ولا تبولون فيها، ولا تتغوطون؟ قلت : نحن نقول ذلك وهو كذلك، قال : فإن له مثلا في الدنيا، فأخبرني ما هو؟ قلت : مثله كمثل الجنين في بطن أمه، يأتيه رزق الله في بطنها، ولا يبول ولا يتغوط، قال : فتربد وجهه، ثم قال لي : أما أخبرتني أنك لست من علمائهم؟ قلت : ما كذبتك، ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم.

                                                                          قال : فإنكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة، فتأكلون من طعامها، وتشربون من شرابها ولا ينقص ذلك منها شيئا؟ قلت : نعم، نحن نقول ذلك وهو كذلك، قال : فإن له مثلا في الدنيا، فأخبرني ما هو؟ قلت : مثله في الدنيا كمثل الحكمة، لو تعلم منها خلق الله أجمعون لم ينقص ذلك منها شيئا، قال : فتربد وجهه، ثم قال : أما أخبرتني أنك لست من علمائهم؟ قلت : ما كذبتك، ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم.

                                                                          قال : وأنتم تزعمون أن الحسنة بعشر أمثالها؟ قلت : نحن نقول ذلك وهو كذلك. قال : فإن له مثلا في الدنيا، فأخبرني ما هو؟ قلت : مثله في الدنيا كمثل الرجل يمر على الملأ فيهم العشرة أو أكثر من ذلك، فيسلم عليهم فيردون عليه السلام أجمعون، قال : فتربد وجهه، وقال : أما أخبرتني أنك لست من علمائهم؟ قلت : ما كذبتك، ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم.

                                                                          قال : [ ص: 206 ] وأنتم ترون حقا عليكم في صلاتكم أن تستغفروا للمؤمنين والمؤمنات؟ قلت : نعم، قال : فالتفت إلى أصحابه، فقال : ما منهم من أحد يستغفر للمؤمنين والمؤمنات إلا كتب الله له من كل مؤمن ومؤمنة حسنة.

                                                                          قال : وأنتم ترون حقا عليكم أن تقولوا : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؟ قلت : نعم، قال : فالتفت إلى أصحابه، فقال : ما منهم من أحد يقول ذلك إلا رد الله عليه السلام من كل عبد صالح من أهل السماء والأرض مضى أو هو كائن إلى يوم القيامة.

                                                                          قال : ثم قال : هل فيكم ذو القرن يقوم إليه طفل من أطفاله فيرد قوله، ويضرب وجهه؟ قلت : قد كان ذلك، قال : هيهات! هلكت هذه الأمة، ولن تقوم الساعة على دين أرق من هذا الدين. قال خالد : وأرجو أن يكون كذب إن شاء الله. قال المغيرة : فقلت لعروة : كم تعدون القرن؟ قال : ابن ستين سنة.

                                                                          أخبرنا بذلك أبو عبد الله محمد بن عبد المؤمن الصوري، قال : أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي إجازة إن لم يكن سماعا، قال : أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني، قال : أخبرنا تمام بن محمد الرازي الحافظ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الوهاب بن محمد، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن خريم، قال : حدثنا هشام بن عمار، قال : حدثنا المغيرة بن المغيرة، قال : حدثنا عروة بن رويم، فذكره.

                                                                          وقال أبو بكر ابن أبي الدنيا : أنشدني أبي لخالد بن يزيد بن معاوية :


                                                                          أتعجب إن كنت ذا نعمة     وإنك فيها شريف مهيب
                                                                          [ ص: 207 ] فكم ورد الموت من ناعم     وحب الحياة إليه عجيب
                                                                          أجاب المنية لما دعت     وكرها يجيب لها من يجيب
                                                                          سقته ذنوبا من أنفاسها     وتذخر للحي منها ذنوب

                                                                          قال : وأنشدني أبي لخالد بن يزيد :


                                                                          إن سرك الشرف العظيم مع التقى     ويكون يوم أشد خوف وابلا
                                                                          يوم الحساب إذا النفوس تفاضلت     في الوزن إذ غبط الأخف الثاقلا
                                                                          فاعمل لما بعد الممات ولا تكن     عن حظ نفسك في حياتك غافلا

                                                                          قال أبو القاسم : بلغني أن خالد بن يزيد، وأمية بن خالد بن عبد الله بن أسيد، وروح بن زنباع، ماتوا بالصنبرة في عام واحد.

                                                                          قال : وبلغني من وجه آخر أن روح بن زنباع مات في سنة أربع وثمانين في خلافة عبد الملك بن مروان.

                                                                          وقال : قرأت بخط عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن ماهان : أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري، قال : أخبرني أحمد بن محمد بن القاسم، قال : حدثني ابن عفير، قال : حدثني أبي، قال : حدثني يزيد الرقي، قال : توفي خالد بن يزيد بن معاوية سنة تسعين، فشهده الوليد بن عبد الملك وهو يومئذ خليفة، فصلى عليه، وقال : لتلق بنو أمية الأردية على خالد؛ فلن يتحسروا على مثله.

                                                                          روى له أبو داود حديثا واحدا وقد وقع لنا عاليا من روايته.

                                                                          [ ص: 208 ] أخبرنا به أبو إسحاق ابن الدرجي، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني، وغير واحد قالوا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، قالت : أخبرنا أبو بكر ابن ريذة، قال : أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال : حدثنا المقدام بن داود، قال : حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار، قال : حدثنا ابن لهيعة، عن موسى بن جبير أن عبيد الله بن عباس حدثه عن خالد بن يزيد بن معاوية، عن دحية بن خليفة الكلبي ، قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قباطي فأعطاني قبطية، فقال : اصدعها صدعتين فاقطع إحداهما قميصا وأعط الأخرى امرأتك تختمر بها" فلما أدبرت قال : مر امرأتك تجعل تحت صدعتها ثوبا لا تصفها".

                                                                          رواه عن أحمد بن عمرو بن السرح، وأحمد بن سعيد الهمداني، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة نحوه، وقال : رواه يحيى بن أيوب - يعني عن موسى بن جبير - فقال : عباس بن عبيد الله بن عباس.

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية