الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          1613 - (د س) : خالد بن زيد، ويقال : ابن يزيد، الجهني .

                                                                          عن : عقبة بن عامر الجهني (د س) في (فضل الرمي في سبيل الله) .

                                                                          وعنه : أبو سلام الحبشي (د س) ; قاله عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي سلام (د س) .

                                                                          وتابعه معاوية بن سلام بن أبي سلام، عن جده أبي سلام.

                                                                          ورواه يحيى بن أبي كثير، فاختلف عليه فيه; فقال هشام الدستوائي (ت ق) : عن يحيى، عن أبي سلام، عن عبد الله بن زيد الأزرق.

                                                                          وقال معمر : عن يحيى، عن زيد بن سلام بن أبي سلام، عن عبد الله بن زيد الأزرق، عن عقبة بن عامر.

                                                                          [ ص: 72 ] وقيل : عن يحيى، عن زيد بن سلام، عن جده أبي سلام، عن عبد الله بن زيد.

                                                                          ذكره البخاري، وأبو حاتم، وغير واحد فيمن اسمه خالد بن زيد، وفرقوا بينه وبين خالد بن زيد بن خالد الجهني الذي يروي عن أبيه في اللقطة، ويروي عنه : عبد الله بن محمد بن عقيل .

                                                                          وذكر الحافظ أبو بكر الخطيب في كتابه (الموضح لأوهام الجمع والتفريق) : أن البخاري وهم في التفريق بينهما، وكانت حجته في ذلك أن رواه بإسناده عن أبي سلام، عن خالد بن زيد الجهني، رواه من حديث عبد الله بن المبارك، وعيسى بن يونس، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي سلام.

                                                                          وليس في ذلك حجة على ما ادعاه; لأنه لم ينسب في الحديث إلى جده، إنما نسب إلى أبيه خاصة، ثم إلى القبيلة، وليس في ذلك ما يمنع أن يكونا اثنين، ويؤكد ذلك أن أبا داود رواه في كتاب (الجهاد) من سننه، عن سعيد بن منصور (د) ، عن ابن المبارك بإسناده، وقال فيه : عن (خالد بن يزيد) - بزيادة ياء في اسم أبيه - هكذا وقع في رواية أبي الحسن بن العبد وغير واحد، عن أبي داود، ووقع في بعض الروايات عن أبي داود : (خالد بن زيد) من غير ياء في أوله.

                                                                          [ ص: 73 ] ورواه النسائي في كتاب الجهاد من سننه : عن عمرو بن عثمان (س) ، عن الوليد، عن ابن جابر، عن أبي سلام، عن (خالد بن يزيد) .

                                                                          وفي كتاب (الخيل) من سننه : عن الحسن بن إسماعيل بن مجالد (س) ، عن عيسى بن يونس بإسناده، وقال فيه : عن (خالد بن يزيد الجهني) فقد اتفقت الروايتان عند النسائي على أنه (خالد بن يزيد) وهذا يدل على أنهما اثنان؛ إذ لو كان الراوي عن عقبة بن عامر هو الراوي عن أبيه، لم يختلف في اسم أبيه; لأن زيد بن خالد الجهني معروف من مشاهير الصحابة.

                                                                          وروى ابن ماجه في كتاب (الكفارات) من سننه : عن علي بن محمد (ق) ، عن وكيع، عن إسماعيل بن رافع، عن خالد بن يزيد، عن عقبة بن عامر حديث (من نذر نذرا، ولم يسمه; فكفارته كفارة يمين) .

                                                                          هكذا وقع عنده هذا الحديث في جميع الروايات عنه، عن (خالد بن يزيد) والظاهر أنه الجهني الذي روى حديث الرمي، وكل ذلك مما يبين أن الراوي عن عقبة بن عامر غير الراوي عن أبيه، وأن من جعلهما اثنين فقد أصاب، ومن جعلهما واحدا فقد أخطأ، والله أعلم.

                                                                          وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في حرف العين من (التاريخ) ما ملخصه : عبد الله بن زيد، ويقال : ابن يزيد، ويقال : خالد بن زيد القاص الأزرق الدمشقي قاص مسلمة بن عبد الملك بالقسطنطينة. .

                                                                          [ ص: 74 ] روى عن : عقبة بن عامر الجهني ، وعوف بن مالك .

                                                                          روى عنه : بكير بن عبد الله بن الأشج ، ويعقوب بن عبد الله بن الأشج ، وأبو سلام : ممطور الحبشي ، وزيد بن سلام بن أبي سلام ، ويزيد بن خصيفة ، وابن أبي حفصة ، وغيرهم.

                                                                          ثم روى بإسناده، عن ابن لهيعة، عن بكير بن الأشج، ويزيد بن خصيفة، عن عبد الله بن يزيد قاص مسلمة، عن عوف بن مالك حديث : (لا يقص على الناس إلا أمير أو مأمور أو مختال) .

                                                                          ثم روى حديث عبد الله بن زيد الأزرق، عن عقبة بن عامر في الرمي من رواية معمر، وهشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، ومن رواية ابن المبارك، عن ابن جابر، عن أبي سلام كما تقدم .

                                                                          ثم روى حكاية، عن علي بن أبي حملة، عن عبد الله بن زيد الدمشقي، ومكحول وغيرهما.

                                                                          ثم حكى قول البخاري في (التاريخ) وتفرقته بين عبد الله بن زيد قاص مسلمة بالقسطنطينة، وبين عبد الله بن زيد الأزرق، وقال : هكذا فرق البخاري بينهما، وتابعه ابن أبي حاتم، وعندي أنهما واحد، والله أعلم.

                                                                          والقول في هذا كالقول في الأول أن الصواب التفريق، وأن من جعل الجميع لرجل واحد فقد أخطأ، فإن الراوي عن عوف بن مالك لا خلاف أن اسمه عبد الله، وإنما وقع الخلاف في اسم أبيه، فسماه ابن لهيعة في روايته (عبد الله بن يزيد) وسماه عبد الله بن الحارث في روايته (عبد الله بن زيد) وقول عمرو بن الحارث أولى بالصواب؛ فإنه أحفظ وأوثق.

                                                                          [ ص: 75 ] وبينهما في إسناده اختلاف غير ذلك أيضا، قال ابن لهيعة فيه كما تقدم، وقال عمرو بن الحارث : عن بكير بن الأشج، عن يعقوب بن الأشج، وابن أبي حفصة، عن عبد الله بن زيد.

                                                                          وقد وقع فيه وهم آخر : حيث ذكر في الرواة عنه ابن أبي حفصة، ويزيد بن خصيفة، والصواب أحدهما، وكذلك القول في أبي سلام، وزيد بن سلام، وفي بكير بن الأشج، ويعقوب بن الأشج، والله أعلم.

                                                                          وقد وقع لنا حديث خالد بن زيد هذا بعلو; أخبرنا به أبو إسحاق ابن الدرجي، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني في جماعة، قالوا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، قالت : أخبرنا أبو بكر ابن ريذة، قال : أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال : حدثنا محمد بن علي الصائغ، ومسعدة بن سعد العطار، قالا : حدثنا سعيد بن منصور (ح) ، قال أبو القاسم : وحدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، قال : حدثنا نعيم بن حماد، قالا : حدثنا ابن المبارك (ح) ، قال : وحدثنا عبيد بن غنام، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال : حدثنا عيسى بن يونس (ح) ، قال : وحدثنا الحسين بن إسحاق، قال : حدثنا علي بن بحر، قال : حدثنا الوليد بن مسلم، قالوا : حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال : حدثني أبو سلام، قال : حدثني خالد بن زيد، قال : كنت رجلا راميا، وكان عقبة بن عامر يمر بي، فيقول : يا خالد، اخرج بنا نرمي، فلما كان ذات يوم أبطأت عنه، فقال : يا خالد، تعال أحدثك بما حدثني رسول الله صلى [ ص: 76 ] الله عليه وسلم، فأتيته، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله عز وجل يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة : صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به، ومنبله، وارموا، واركبوا، وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا، وليس من اللهو إلا ثلاثة : تأديب الرجل فرسه، وملاعبته امرأته، ورميه بقوسه، ومن ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه فإنها نعمة كفرها، أو تركها .

                                                                          رواه أبو داود، عن سعيد بن منصور، ورواه النسائي، عن عمرو بن عثمان، عن الوليد بن مسلم، كما تقدم.

                                                                          ورواه هشام بن عمار، عن إسماعيل بن عياش، عن ابن جابر، عن أبي سلام، عن أبي أيوب الأنصاري قال : كنت أرامي عقبة بن عامر، فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

                                                                          رواه أبو بكر بن أبي عاصم، عن هشام بن عمار عقيب حديث عيسى بن يونس، وهذا قول شاذ لم يتابع إسماعيل بن عياش عليه أحد، ولعله كناه من قبل نفسه، فوهم في ذلك، والله أعلم.

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية