الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في تثنية الإقامة وإفرادها

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في تثنية الإقامة وإفرادها، ففي مذهب مالك وأهل الحجاز، والأوزاعي وأهل الشام، والشافعي وأصحابه، ويحيى بن يحيى، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبي ثور: الإقامة فرادى. واحتجوا بحديث أنس.

                                                                                                                                                                              1162 - حدثنا علي بن الحسن ، قال: نا عبد الله عن سفيان، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك قال: "أمر بلال أن يشفع الأذان، وأن يوتر الإقامة". [ ص: 150 ]

                                                                                                                                                                              1163 - حدثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة، قال: نا عثمان بن صالح ، قال: نا ابن لهيعة ، عن عقيل، عن الزهري ، عن أنس بن مالك ، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة".

                                                                                                                                                                              1164 - حدثنا علان بن المغيرة، قال: نا آدم بن أبي إياس ، قال: نا شعبة ، عن [ أبي جعفر ] - يعني الفراء - عن أبي المثنى، عن ابن عمر قال: " كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى، والإقامة فرادى - أو قال: واحدة ".

                                                                                                                                                                              وممن رأى الأذان مثنى مثنى والإقامة واحدة: عروة بن الزبير ، والحسن البصري، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز ، [ومكحول. وخالد بن معدان].

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: الأذان والإقامة مثنى مثنى، هذا قول سفيان الثوري ، وأصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              وقد اختلف في الإقامة عن أبي محذورة، وقد ذكرت اختلاف الأخبار فيها في غير هذا الموضع. فقال قائل: من حيث ألزمتم الكوفي أن خبر أبي [ ص: 151 ] محذورة بعد خبر عبد الله بن زيد في معنى زيادة الأذان؛ فاللازم لكم أن تلزموا أنفسكم في الإقامة والزيادة فيها ما ألزمتم مخالفكم في الأذان. هذا قول مال إليه المزني،.

                                                                                                                                                                              وخالفه غيره من أصحابنا فقال: أما الأذان فعلى حديث أبي محذورة؛ لأن ذلك لم يزل يؤذن به على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد النبي صلى الله عليه وسلم بالحرمين جميعا، ثم لم يزل كذلك يؤذن بمكة إلى اليوم، وكذلك لم يزل ولد سعد القرظ يؤذنون به، ويذكرون أنه أذان بلال وسعد، فأما الإقامة فقد اختلف فيه عنه، فروي عنه أنه كان يفرد الإقامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وروي أن إقامته كانت مثنى مثنى، فغير جائز أن يكون أبو محذورة انتقل عن تثنية الإقامة إلى إفرادها، إلا وقد علم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإفراد الإقامة، أو رأى بلالا بعد ذلك يفرد الإقامة، فعلم أن ذلك ليس إلا عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ فانتقل إليه، ثم اتفاق ولد أبي محذورة وولد سعد القرظ عليه، وحكايتهم ذلك عن (جدهم) سعد القرظ عن بلال، دليل على أن الأمر [بإفراد] الإقامة حادث بعد التثنية، ولا يجوز أن يجتمع مثل هؤلاء على خلاف السنة.

                                                                                                                                                                              ثم اختلفوا هؤلاء - بعد اجتماعهم على إفراد الإقامة - في قوله: "قد قامت الصلاة"؛ فولد أبي محذورة وسائر مؤذني مكة يقولون: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة - مرتين - وولد سعد القرظ يقولون: قد قامت الصلاة - مرة واحدة. [ ص: 152 ]

                                                                                                                                                                              وقد اختلفت الأخبار في ذلك، غير أن الأخبار التي تدل على صحة مذهب أهل مكة أثبت.

                                                                                                                                                                              1165 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: نا سليمان بن حرب ، قال: نا حماد بن زيد ، عن سماك [بن] عطية، عن أيوب، عن أبي قلابة ، عن أنس قال: أمر بلال أن يشفع الأذان، و[أن] يوتر الإقامة إلا الإقامة. قال سليمان: يعني قوله: قد قامت الصلاة.

                                                                                                                                                                              1166 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: نا عبد الرحمن بن المبارك، قال: نا خالد بن الحارث، عن شعبة ، عن أبي جعفر ، عن مسلم قال: سمعت ابن عمر يقول: كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة واحدة، غير أنه يقول: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، مرتين ".

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وهذا قول الحسن البصري ، ومكحول، والزهري، والشافعي ، ويحيى بن يحيى، وأحمد، وإسحاق [ ص: 153 ] .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية