الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر كيفية الجلوس في التشهد الأول والثاني واختلاف أهل العلم فيه

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: افترق أهل العلم في صفة الجلوس في التشهد الأول والآخر ثلاث فرق، فسوت فرقة بين الجلسة الأولى والأخيرة فرأت أن ينصب الجالس رجله اليمنى ويفترش اليسرى فيجلس على بطن قدمه، [ ص: 371 ] هذا قول سفيان الثوري ، وقال أصحاب الرأي: يقعد الرجل في الصلاة إذا قعد في الثانية والرابعة يفترش رجله اليسرى فيجعلها بين أليتيه فيقعد عليها، وينصب اليمنى نصبا ويوجه أصابع رجله اليمنى نحو القبلة.

                                                                                                                                                                              واحتج بعض من هذا مذهبه بحديث:

                                                                                                                                                                              1505 - حدثناه يحيى، قال: نا مسدد ، قال: نا عبد الواحد، قال: نا عاصم بن كليب ، عن أبيه، عن وائل بن حجر قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: لأنظرن إلى صلاته كيف يصلي؟ فلما جلس افترش رجله اليسرى ووضع يده [اليسرى] على ركبته اليسرى، ووضع حد مرفقه على فخذه اليمنى.

                                                                                                                                                                              واحتج بحديث ابن عمر أنه قال: إن من سنة الصلاة أن تضجع رجلك اليسرى وتنصب اليمنى.

                                                                                                                                                                              ورأت فرقة أن يجلس الرجل بين السجدتين كما يجلس في التشهد، ينصب رجله اليمنى ويثني اليسرى ويقعد على وركه الأيسر حتى يستوي قاعدا ويعتدل، هذا قول مالك قال: وهذا أحب ما سمعت إلي، [ ص: 372 ] وقال مالك: إذا نصب اليمنى جعل بطن الإبهام على الأرض لا ظهر الإبهام، واحتج بحديث:

                                                                                                                                                                              1506 - حدثناه علي، عن القعنبي، عن مالك، عن يحيى بن سعيد أن القاسم بن محمد أراهم الجلوس في التشهد فنصب رجله اليمنى وثنى اليسرى وجلس على وركه (اليسرى) ، ولم يجلس على قدمه، ثم قال: أراني هذا عبد الله بن عبد الله بن عمر وحدثني أن أباه كان يفعل ذلك.

                                                                                                                                                                              ورأت فرقة ثالثة أن يجلس الجلسة الأولى كالذي ذكرناه عن الثوري ، ويجلس في الرابعة على نحو ما حكيناه عن مالك. هذا قول الشافعي ، وأحمد، وإسحاق .

                                                                                                                                                                              قال الشافعي : وإذا أراد الجلوس في مثنى جلس على رجله اليسرى مثنية يماس ظهرها الأرض، ونصب رجله اليمنى ثانيا أطراف [أصابعها] ، وإذا جلس في الرابعة أخرج رجليه معا من تحته فأفضى بأليتيه إلى الأرض، وفي الصبح جلسة واحدة فيجلسها الجلسة [الأخيرة]. [ ص: 373 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ومن حجة الشافعي ومن تبعه: حديث أبي حميد الساعدي :

                                                                                                                                                                              1507 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: نا مسدد ، قال: نا يحيى، قال: نا عبد الحميد بن جعفر ، قال: حدثني محمد بن عمرو ، عن أبي حميد الساعدي ، قال: سمعته وهو في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة بن ربعي يقول: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: فاعرض، قال: كان إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه.. وذكر الحديث: قال: ثم هوى إلى الأرض ساجدا فقال: "الله أكبر" ثم ثنى رجله اليسرى فقعد عليها واعتدل حتى رجع كل عظم إلى موضعه، ثم هوى ساجدا، ثم ثنى رجله وقعد فاعتدل، ثم صنع ذلك حتى إذا كانت الركعة التي تنقضي فيها الصلاة، أخر رجله اليسرى، وقعد على شقه متوركا ثم سلم.

                                                                                                                                                                              وقيل لأحمد: حديث أبي حميد الساعدي تذهب إليه؟ قال: نعم، قلت: في كل تشهد تسلم فيه أم في الأربع خاصة؟ قال: في الأربع خاصة، ثم قال أبو عبد الله : كان الشافعي [يقول]: يتورك في صلاة الفجر أيضا، قال: فقال: فإن شاء تورك، أي كما قال الشافعي .

                                                                                                                                                                              وسئل الأوزاعي عن جلسة التشهد [فقال]: تنصب اليمنى وتضجع اليسرى، وإن شئت جلست على رجلك اليمنى واليسرى ثنيتهما جميعا تحتك، و[كلتاهما] جلستان معروفتان. [ ص: 374 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية