الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سلم تسليمة واحدة

                                                                                                                                                                              1533 - حدثنا إبراهيم بن محمد بن إسحاق ، قال: ثنا أحمد بن عبد الرحيم، قال: نا عمرو بن أبي سلمة ، عن زهير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه، يقبل إلى الشق الأيمن شيئا. [ ص: 394 ]

                                                                                                                                                                              اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم في عدد التسليم: فقالت طائفة: يسلم تسليمتين، عن يمينه وعن شماله.

                                                                                                                                                                              روي هذا القول عن أبي بكر الصديق ، وعلي بن أبي طالب ، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود ، ونافع بن عبد الحارث، وعطاء بن أبي رباح، وعلقمة، والشعبي، وأبي عبد الرحمن السلمي.

                                                                                                                                                                              وبه قال سفيان الثوري ، والشافعي ، وأحمد، وإسحاق ، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              1534 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا حجاج، قال: نا [ ص: 395 ] حماد، عن أبي الضحى، عن مسروق : أن أبا بكر الصديق كان يسلم تسليمتين عن يمينه وعن شماله، حتى يرى بياض خده.

                                                                                                                                                                              1535 - وحدثنا علي، قال: نا حجاج، قال: نا همام بن يحيى ، قال: أخبرنا عطاء بن السائب ، قال: ثنا أبو عبد الرحمن ، أنه صلى خلف علي، فسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، وصلى خلف ابن مسعود فصنع مثل صنيع علي سواء.

                                                                                                                                                                              1536 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا أحمد بن يونس ، قال: نا زهير ، قال: نا أبو إسحاق ، عن شقيق بن سلمة، عن علي أنه كان يسلم عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله.

                                                                                                                                                                              1537 - حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى ، قال: نا أحمد بن يونس ، قال: نا زهير ، قال: نا أبو إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، قال: أنا رأيت عمارا يسلم عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله في كلتيهما حتى أرى بياض خده فيها. [ ص: 396 ]

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: يسلم تسليمة واحدة. كذلك قال ابن عمر ، وأنس بن مالك ، وعائشة أم المؤمنين، وسلمة بن الأكوع ، والحسن ، ومحمد بن سيرين، وعمر بن عبد العزيز.

                                                                                                                                                                              1538 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله، قال: أخبرنا عبد الله بن بكر، قال: نا حميد، قال: صليت مع أنس فكان يسلم تسليمة واحدة: السلام عليكم.

                                                                                                                                                                              1539 - حدثنا الربيع ، قال: نا ابن وهب ، قال: أخبرنا أسامة، أن عبد الله بن عمر كان إذا أم أحدا ثم سلم يسلم عن يمينه (فقط) : السلام عليكم، وكان إذا صلى وحده فعل ذلك.

                                                                                                                                                                              1540 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال: أخبرني نافع وسألته كيف كان ابن عمر يسلم إذا كان إمامكم؟ قال: عن يمينه واحدة السلام عليكم.

                                                                                                                                                                              1541 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا معلى بن أسد، قال: نا [ ص: 397 ] وهيب، عن عبيد الله بن عمر ، عن القاسم، عن عائشة أنها كانت تسلم تسليمة واحدة قبالة وجهها: السلام عليكم.

                                                                                                                                                                              1542 - وحدثونا عن إسحاق بن راهويه ، قال: أخبرنا أنس بن عياض، عن يزيد بن أبي عبيد قال: رأيت سلمة - وهو ابن الأكوع - يسلم تسليمة إذا انصرف من الصلاة قبل وجهه إذا كان مع الإمام وغيره.

                                                                                                                                                                              وبه قال مالك، والأوزاعي.

                                                                                                                                                                              وقال عمار بن أبي عمار: كان مسجد الأنصار يسلمون تسليمتين عن أيمانهم وعن شمائلهم، وكان مسجد المهاجرين يسلمون تسليمة واحدة.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أن هذا من الاختلاف المباح، فالمصلي مخير إن شاء سلم تسليمة، وإن شاء سلم تسليمتين. قال بهذا القول بعض أصحابنا.

                                                                                                                                                                              وكان إسحاق يقول: تسليمة تجزئ، [وتسليمتان] أحب إلي.

                                                                                                                                                                              ودفع آخرون حديث زهير عن هشام، وقالوا: لا يثبت من جهة النقل، [ ص: 398 ] ولو ثبت حديث زهير لاحتمل أن تكون [التسليمتان] أولى؛ لأن الذين رووه أكثر عددا، وأشبه بأن يكونوا حفظوا ما أغفله الآخرون؛ لأنهم زائدون والزائد أولى.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وكل من أحفظ عنه من أهل العلم يجيز صلاة من اقتصر على تسليمة، وأحب أن يسلم تسليمتين؛ للأخبار الدالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجزئه أن يسلم [تسليمة].

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية