الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر أول وقت الفجر وآخره

                                                                                                                                                                              ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الفجر حين طلع الفجر. وأجمع أهل العلم على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر.

                                                                                                                                                                              974 - أخبرنا محمد بن عبد الله، قال: أخبرنا أنس بن عياض، عن حميد، عن أنس، أن رجلا، أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عن وقت صلاة الغداة، فلما أصبح من الغد حين انشق الفجر أمر أن تقام الصلاة، فصلى بنا، فلما كان من الغد أخرها حتى أسفر، ثم أمر فأقيمت الصلاة، فصلى بنا ثم قال: "أين السائل عن وقت الصلاة؟ ما بين هذين وقت". [ ص: 41 ]

                                                                                                                                                                              وقد ذكرنا سائر [الأخبار] الموافقة لهذا الحديث في غير هذا الموضع. وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من صلى الصبح بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس فقد صلاها في وقتها.

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيمن أدرك ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس ففي قول مالك، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه : يضيف إليها أخرى ولم تفته الصلاة، واحتجوا بحديث أبي هريرة .

                                                                                                                                                                              975 - حدثنا الربيع ، قال: أنا الشافعي ، قال: أنا مالك، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، وعن بسر بن سعيد ، عن الأعرج يحدثونه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح".

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول: إنما ذلك لمن نام أو نسيها حتى صلى في ذلك الوقت، فكان هذا عذر، فلو عمد ذلك رجل لكان مخطئا مذموما، عند أهل العلم بتفريطه في الصلاة.

                                                                                                                                                                              فأما أصحاب الرأي فإنهم فرقوا بين من طلعت الشمس وقد بقي عليه من الصبح ركعة، وبين من غربت الشمس وقد بقيت عليه من [ ص: 42 ] [العصر] ركعة، فأفسدوا صلاة من طلعت الشمس وقد بقي عليه من الصبح ركعة. قالوا: عليه أن يستقبل الفجر إذا ارتفعت الشمس، فإن نسي العصر فذكرها حين احمرت الشمس فصلى ركعة أو ركعتين، ثم غربت الشمس. قالوا: يتم على صلاته فيصلي ما بقي، قالوا: لأن الذي صلى الفجر، فطلعت له الشمس وهو في الصلاة فسدت عليه صلاته؛ لأنه ليست بساعة يصلى فيها، والذي غربت له الشمس وقد صلى ركعة أو ركعتين فقد دخل في وقت الصلاة، والصلاة لا تكره تلك الساعة فعليه أن يتم ما بقي منها.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: قد جعل النبي صلى الله عليه وسلم من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس مدركا للصلاتين وجمع بينهما، فلا معنى لتفريق من فرق بين شيئين جمعت السنة بينهما، ولو جاز أن يفسد صلاة من صار إلى وقت لا تحل الصلاة فيها، ألزم أن يفسد صلاة من ابتدأها في وقت لا تجوز الصلاة فيه، وليس فيما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا التسليم له، وترك أن يحمل على القياس والنظر.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية