الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الكلام في الأذان

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الكلام في الأذان؛ فرخصت فيه طائفة، وممن رخص فيه الحسن البصري ، وعطاء، وقتادة، وروينا عن سليمان بن صرد، وكانت له صحبة، أنه كان يأمر بالحاجة له وهو في أذانه، وكان عروة بن الزبير يتكلم في أذانه.

                                                                                                                                                                              واحتج بعض من رخص في الكلام في الأذان بحديث ابن عباس .

                                                                                                                                                                              1200 - حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عاصم بن سليمان، عن عبد الله بن الحارث : أن ابن عباس أمر مناديه يوم الجمعة في يوم مطير فقال: إذا بلغت حي على الفلاح فقل: ألا فصلوا في الرحال، فقيل له: ما هذا؟ فقال: فعله من هو خير مني.

                                                                                                                                                                              وكان أحمد بن حنبل يرخص في الكلام في الأذان، وذكر حديث سليمان بن صرد.

                                                                                                                                                                              1201 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا حجاج، قال: نا محمد بن طلحة ، عن جامع بن شداد أبي صخرة، عن موسى بن عبد الله بن يزيد ، أن سليمان بن صرد - وكانت له صحبة - كان يؤذن في العسكر فيأمر غلامه بالحاجة له وهو في أذانه. [ ص: 181 ]

                                                                                                                                                                              وكرهت طائفة الكلام في الأذان، وممن كره ذلك النخعي، وابن سيرين، والأوزاعي، وقال مالك: [لم] نعلم أحدا يقتدى به [تكلم] بين ظهراني أذانه، وقال الثوري : وإذا أذن وأقام فلا يتكلم فيهما، ولا بأس أن يتكلم بينهما، وقال الشافعي : أحب ألا يتكلم في أذانه فإن تكلم فلا يعيد، وقال إسحاق: لا ينبغي للمؤذن أن يتكلم في أذانه، إلا كلاما من شأن الصلاة نحو: صلوا في رحالكم، وقال النعمان، ويعقوب، ومحمد: لا يتكلم في أذانه وإقامته فإن تكلم في أذانه وصلى القوم فصلاتهم تامة. وقد روينا عن الزهري أنه قال: إذا تكلم الرجل في الإقامة أعاد الإقامة.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: أحسن ما قيل في هذا الباب الرخصة في الكلام في الأذان مما هو من شأن الصلاة كما قال إسحاق، وعلى ذلك يدل حديث ابن عباس ، فإن تكلم بما ليس من [شأن] الصلاة فهو مكروه، ولا يجوز أن يبطل أذانه وإقامته؛ إذ لا حجة تدل على إبطال أذان من تكلم في أذانه [ ص: 182 ] .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية