الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم

                                                                                                                                                                              فيمن صلى قبل دخول الوقت وهو لا يعلم ثم علم

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في المصلي قبل دخول وقت الصلاة، فقال أكثرهم: عليه الإعادة. أعاد ابن عمر الصبح [بالمزدلفة] ثلاث مرار حيث (صلى) وهو (يصلي) يظن أنه قد أصبح، وروي عن أبي موسى الأشعري أنه أعاد (الصبح) ثلاث مرات.

                                                                                                                                                                              1066 - حدثنا علي بن الحسن ، قال: نا عبد الله، عن سفيان، عن محمد بن عجلان ، عن نافع ، أن ابن عمر أعاد الصبح ثلاث مرات؛ لأنه صلاها بليل.

                                                                                                                                                                              1067 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال: نا حجاج قال: نا حماد، عن حميد، عن بكر بن عبد الله ، عن ابن عباس ، "أنه دخل في صلاة الفجر فعرف الليل في القبلة، فاستفتح بسورة البقرة، فركع وقد طلع الفجر".

                                                                                                                                                                              1068 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا حجاج، قال: نا حماد، عن عمران بن حدير ، عن أبي عثمان، أن أبا موسى الأشعري ، أعاد الفجر [ ص: 83 ] ثلاث مرار.

                                                                                                                                                                              1069 - وحدثونا عن أبي الوليد، قال: نا الوليد بن مسلم ، قال: قال سعيد، وأخبرني قتادة ، عن الحارث بن أبي ربيعة، أن عمر بن الخطاب "صلى الفجر بليل، فأعاد الصلاة".

                                                                                                                                                                              وبه قال الزهري ، ومالك، والأوزاعي، والشافعي ، وأحمد، وأصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              [وقد روينا عن ابن عباس أنه قال في رجل صلى الظهر في السفر قبل أن تزول الشمس قال: تجزئه، أرأيت إن كان على أحدكم دين إلى أجل فقضاه قبل محله أليس قد كان قضاه؟]

                                                                                                                                                                              1070 - حدثنا موسى بن هارون، قال: نا يحيى، قال: نا شريك، عن سماك، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، سئل عن رجل صلى الظهر في السفر قبل أن تزول الشمس، قال: "تجزئه، ثم قال أرأيت إن كان على أحدكم دين إلى أجل، فقضاه قبل محله، أليس ذلك قد قضيناه؟". [ ص: 84 ]

                                                                                                                                                                              1071 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا حجاج، قال: حدثني حماد، عن علي بن زيد، عن عبد الله بن الحارث ، أن المؤذن أقام بليل فرأى ابن عباس عليه ليلا فاستفتح بسورة البقرة، فركع بعد ما طلع الفجر، ثم قام، فقرأ بسورة الكهف، فلما أتى على هذه الآية، (فقرأ) وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا.

                                                                                                                                                                              1072 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، [عن] ابن جريج ، عن عطاء ، قال: رأيت معاوية يصلي المغرب، ثم ما أطوف إلا سبعا - أو سبعين - حتى يخرج فيصلي العشاء لو لم يغب الشفق". قال: وكان عطاء يقول: "صل العشاء إن شئت قبل أن يغيب الشفق". قال عطاء : "إني لأطوف أحيانا سبعا بعد المغرب، ثم أصلي العشاء".

                                                                                                                                                                              وروينا عن الحسن أنه قال: مضت صلاته. وعن الشعبي أنه قال: إذا صلى الرجل لغير الوقت وهو يرى أنه الوقت أجزأ عنه. وحكى ابن وهب عن مالك أنه سئل عمن صلى العشاء في السفر قبل (غيبوبة) الشفق جاهلا أو ساهيا؟ قال: يعيد ما كان في وقت، فإذا ذهب الوقت قبل أن يعلم [أو] يذكر، فلا إعادة عليه.

                                                                                                                                                                              فمن حجة بعض من رأى أن [لا إعادة] عليه أن المصلي قبل [ ص: 85 ] الوقت وهو يحسب أنه الوقت مصل في الظاهر عند نفسه على ما أمر به، وقد اختلف في وجوب الإعادة عليه. وغير جائز أن يوجب عليه الإعادة إلا بحجة.

                                                                                                                                                                              واحتج من خالفه بأن المصلي قبل دخول الوقت غير مؤد فرضا، لأن فرائض الصلوات إنما تجب بعد دخول أوقاتها فكأنه رجل صلى ما ليس عليه، وهذا كالرجل يصلي وهو يحسب أنه طاهر ثم يعلم أنه غير طاهر [يشبهه] ، إذ كل واحد منهما لم يؤد فرضا كما يجب. والله أعلم.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية