الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر أول وقت العصر

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في أول وقت العصر، فقالت طائفة: أول وقت العصر: إذا صار ظل كل شيء مثله، كذلك قال مالك، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وأحمد، وإسحاق ، وأبو ثور، وحجتهم في ذلك حديث ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين".

                                                                                                                                                                              ثم اختلفوا بعد قصدهم القول بظاهر حديث ابن عباس فقالت فرقة منهم: أول وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثله وهو آخر وقت الظهر فلو أن رجلين قاما في هذا الوقت يصلي الواحد الظهر ويصلي الآخر العصر كانا مصلين الصلاتين في وقتهما قال بهذا القول إسحاق، وحكى عن ابن المبارك أنه قال به، قال: وقيل لابن المبارك: كيف يكون وقتا واحدا لصلاتين من غير سفر ولا عذر؟ قال ابن المبارك : أيضرك ذلك إنما جاء به جبريل هكذا ولو جاءه وقتا واحدا لثلاث صلوات لجعلناه لثلاث.

                                                                                                                                                                              وقالت فرقة: لا يفوت الظهر حتى يجاوز [ظل] كل شيء مثله، فإذا جاوزه فقد فاتت، ووقت العصر إذا جاوز ظل كل شيء مثله، [ ص: 21 ] وذلك حين ينفصل من آخر وقت الظهر هذا قول الشافعي .

                                                                                                                                                                              وقد حكي عن ربيعة قول ثالث: وهو أن وقت الظهر والعصر في الحضر والسفر إذا زالت الشمس.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقول الشافعي صحيح يدل عليه الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ذلك حديث عبد الله بن عمرو قوله: "وقت الظهر ما لم يحضر العصر" ، وحديث أبي قتادة : "إنما التفريط على من لم يصل صلاة حتى يدخل وقت الأخرى" ، وفي المسألة قول رابع: وهو أن أول وقت العصر أن يصير الظل قامتين بعد الزوال، ومن صلى قبل ذلك لم تجزه صلاته، هذا قول النعمان، وهو قول خالف صاحبه الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنظر غير دال عليه ولا نعلم أحدا سبق قائل هذا القول إلى مقالته وعدل أصحابه عن القول به فبقي قوله منفردا لا معنى له [ ص: 22 ] .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية