الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر عدد التسبيح في الركوع والسجود

                                                                                                                                                                              1464 - حدثنا علان بن المغيرة، قال: نا عبد الله بن صالح ، قال: حدثني الليث ، عن موسى بن أيوب الغافقي من أهل مصر ، عن رجل من قومه، - وكان موسى سماه - ، عن عقبة بن عامر أنه لما نزلت هذه الآية ( فسبح باسم ربك العظيم ) ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوها في ركوعكم"، ولما نزلت: ( سبح اسم ربك الأعلى ) ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوها في سجودكم".، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع قال: "سبحان ربي العظيم" ثلاث مرات، وإذا سجد قال: "سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات ". [ ص: 350 ]

                                                                                                                                                                              1465 - حدثنا إسماعيل، قال: نا أبو بكر، قال: نا حفص بن غياث ، عن ابن أبي ليلى ، عن الشعبي ، عن صلة، عن حذيفة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: "سبحان ربي الأعلى" ثلاثا، قلت أنا لحفص: وبحمده؟ قال: نعم، إن شاء الله.

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن علي؛ أنه كان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثا، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثا، وعن ابن مسعود أنه كان إذا ركع، قال: سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا فزيادة، وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثا فزيادة.

                                                                                                                                                                              1466 - حدثنا علي، قال: نا حجاج، قال: نا حماد، عن عاصم بن بهدلة عن أبي الضحى؛ أن عليا كان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثا، وفي سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثا.

                                                                                                                                                                              1467 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن [بشر بن رافع] ، عن [ ص: 351 ] يحيى بن أبي كثير ، عن أبي عبيدة بن عبد الله، أن ابن مسعود كان إذا ركع قال: سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا فزيادة، وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثا فزيادة، قال أبو عبيدة : وكان أبي يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله.

                                                                                                                                                                              1468 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء الخراساني ، أن ابن عباس قال: اركع حتى تستمكن كفاك من ركبتيك قدر ثلاث تسبيحات، ثم ارفع صلبك حتى يأخذ كل عظم منك موضعه.

                                                                                                                                                                              وقال طاوس في وفاء السجود أشار بيده ثلاث تسبيحات. وقال الحسن البصري : التام من السجود سبع، والمجزئ ثلاث. وقال الحسن: الذي يرفع رأسه قبل أن يقول: سبحان الله ثلاثا فإنما صلاته النقر.

                                                                                                                                                                              وقد اختلف أهل العلم فيما على من ترك التسبيح في الركوع والسجود، فروينا عن الحسن أنه قال: المجزئ ثلاث. وقال إسحاق: لا تتم صلاته إلا بالتكبيرات، والتسبيح، والتشهد، والقراءة، [فإذا] تركها تارك عمدا كان تاركا لما أمر به، فعليه إعادتها.

                                                                                                                                                                              ومن حجة من قال هذا القول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبح في سجوده، [ ص: 352 ] وقال لما نزلت: ( سبح اسم ربك الأعلى ) : "اجعلوها في سجودكم" ، وكذلك قال لما نزلت ( فسبح باسم ربك العظيم ) : "اجعلوها في ركوعكم" ، وهذا إن لم يكن أوكد في باب الأمر من التشهد فليس بدونه، فاللازم لمن جعل التشهد فرضا وجعل على تاركه إعادة الصلاة (أن) يقول كذلك في تارك التسبيح في الركوع والسجود، إذ هو في باب الأمر مثله أو أوكد منه.

                                                                                                                                                                              وأسقطت طائفة فرض التسبيح عن الراكع والساجد، وقالت: لا إعادة على تاركه؛ فروينا عن ابن سيرين أنه قال: إذا وضع يديه على ركبتيه فقد أتم، وإذا أمكن جبهته من الأرض فقد أتم.

                                                                                                                                                                              وقال الثوري : وإن لم يقل شيئا، وقال المسيب بن رافع نحوه. وقيل لابن أبي نجيح : أكان مجاهد يقول: يجزئه إذا وضع يديه على ركبتيه؟ قال: فأومأ برأسه نعم.

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول: إذا ترك التكبير، سوى تكبيرة الافتتاح وقول سمع الله لمن حمده والذكر في الركوع والسجود، لم يعد صلاته، وكذلك قال أبو ثور، وأصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              واحتج الشافعي بحديث رفاعة، ولعمري لو اقتصر على حديث رفاعة، فلم يفرض غير ما فيه مثل التشهد والتسليم [للخروج من [ ص: 353 ] الصلاة] لكان قد ذهب مذهبا.

                                                                                                                                                                              فإن قال قائل: التشهد وجب بحديث آخر، قيل له: وكذلك التسبيح في الركوع والسجود وجب بحديث آخر، ولن يدخل في أحدهما شيء إلا دخل في الآخر مثله.

                                                                                                                                                                              وقال أحمد بن حنبل فيمن سبح تسبيحة في سجوده: يجزئه، وقال مالك بن أنس : ليس عندنا في الركوع والسجود قول محدود، ولا تسبيح ولا غير ذلك، وقد سمعت أن التسبيح في الركوع والسجود، فإن قال ذلك المصلي في ركوعه وسجوده أجزأ عنه بعد أن يركع ويسجد حتى يطمئن، ابن نافع عنه.

                                                                                                                                                                              وحكى ابن وهب عن مالك أن الأمير سأله عن ذلك، فأجابه: لا يعرف ذلك يعني التسبيح في الركوع والسجود، قال مالك: إذا أمكن جبهته في سجوده ويديه في ركوعه فقد تم ذلك، قال: ويضع الأنف مع الجبهة.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية