الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم فيما يقرأ به في الركعتين الأخريين من صلاة الظهر، أو العصر، أو العشاء الآخرة، أو الآخرة من المغرب، وما على من ترك قراءة فاتحة الكتاب في ركعة أو ركعتين

                                                                                                                                                                              ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب.

                                                                                                                                                                              1323 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا حجاج بن منهال، قال: ثنا همام بن يحيى ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة في كل ركعة، وكان يسمعنا الأحيان الآية، وكان يطيل في الأولى ما لا يطيل في الثانية، وكان يقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب في كل ركعة. قال: وكذلك في صلاة العصر ". [ ص: 268 ]

                                                                                                                                                                              وقرأ أبو بكر الصديق في صلاة المغرب في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة سورة من قصار المفصل، ثم قام في الركعة الثالثة، فسمع يقرأ بأم القرآن وهذه الآية ( ربنا لا تزغ قلوبنا ) الآية، وروينا عن شريح: أن عمر بن الخطاب كتب إليه: أن اقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الركعتين الآخريين بفاتحة الكتاب.

                                                                                                                                                                              وممن روي عنه أنه كان يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب: علي بن أبي طالب ، وجابر بن عبد الله . وعن ابن مسعود : أنه كان يقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وما تيسر، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب.

                                                                                                                                                                              1324 - أخبرنا الربيع ، قال: أخبرنا الشافعي ، قال: أخبرنا مالك، عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك، أن عبادة بن نسي أخبره: أنه سمع قيس بن الحارث يقول: أخبرني أبو عبد الله الصنابحي: أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر الصديق ، فصلى وراء أبي بكر الصديق المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن، وسورة سورة من قصار المفصل، ثم قام في الركعة الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه، فسمعته قرأ بأم القرآن وهذه الآية ( ربنا لا تزغ قلوبنا ) الآية. [ ص: 269 ]

                                                                                                                                                                              1325 - وحدثونا عن إسحاق، قال: أخبرنا أبو معاوية ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن الشعبي ، عن شريح، أن عمر بن الخطاب كتب إليه: أن اقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب.



                                                                                                                                                                              1326 - حدثنا محمد بن علي ، قال: نا سعيد، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال: نا شعبة ، عن سفيان بن حسين قال: سمعت الزهري يحدث، عن أبي رافع ، وابن أبي رافع ، عن أبيه، عن علي: أنه كان يأمر أن يقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب".

                                                                                                                                                                              1327 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن داود بن قيس ، عن عبيد الله بن مقسم قال: سألت جابر بن عبد الله ...؟ فقال: أما أنا فأقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب.

                                                                                                                                                                              1328 - حدثنا محمد بن علي ، قال: نا سعيد، قال: ثنا حماد بن [ ص: 270 ] زيد، قال: نا أيوب، عن محمد بن سيرين ، عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وما تيسر، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب.

                                                                                                                                                                              1329 - حدثنا علي بن الحسن ، قال: ثنا عبد الله، عن سفيان، قال: حدثني عاصم بن أبي النجود ، عن ذكوان ، عن عائشة ، أنها كانت تأمر بالقراءة بفاتحة الكتاب في الأخريين وتقول: إنما هو دعاء. وقول عائشة : إنما هو دعاء. يعني قوله: ( إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم )

                                                                                                                                                                              وقد روي هذا القول عن الحسن، وعطاء، والشعبي، وسعيد بن جبير، وبه قال مالك بن أنس ، والأوزاعي، والشافعي ، وأحمد، وإسحاق ، وذلك إذا كان منفردا أو إماما.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وما تيسر، وفي الأخريين إن شاء [قرأ] بفاتحة الكتاب وإن شاء سبح، وإن لم يقرأ ولم يسبح جازت صلاته، هذا قول سفيان الثوري ، وأصحاب [ ص: 271 ] الرأي، واحتج من احتج منهم بخبر رواه الحارث عن علي أنه قال: اقرأ في الأوليين وسبح في الأخريين، وبه قال النخعي.

                                                                                                                                                                              1330 - حدثنا محمد بن علي ، قال: نا سعيد، قال: نا أبو الأحوص ، وخديج، عن أبي إسحاق ، عن الحارث، عن علي قال: اقرأ به في الأوليين وسبح في الأخريين.

                                                                                                                                                                              وقال سفيان الثوري فيمن نسي القراءة في الركعتين الأوليين من الظهر، (والعصر والعشاء) قال: يقرأ في الركعتين الأخريين ويسجد سجدتي السهو.

                                                                                                                                                                              فأما حديث الحارث فغير ثابت، كان الشعبي يكذبه، وقد روي عن علي من حديث الحارث عنه أن رجلا جاءه فقال: إني قد صليت ولم أقرأ؟ قال: أتممت الركوع والسجود؟ قال: نعم، قال: تمت صلاتك.

                                                                                                                                                                              وكان اللازم لمن احتج بحديث الحارث، عن علي رضي الله عنه أنه قال: يقرأ في الأوليين ويسبح في الأخريين، أن يقول بهذه الرواية، فإن وجب ترك هذه الرواية؛ لأن الحارث رواها، وجب ترك الأولى، وإلا فاللازم لمن جعل رواية الحارث في القراءة في الأوليين والتسبيح في الأخريين حجة [ ص: 272 ] أن يقول بهذه. وكان الأوزاعي يقول فيمن قرأ في ركعتين ونسي أن يقرأ في ركعتين، قال: مضت صلاته، من قرأ في نصف صلاته مضت صلاته، فإن قرأ في ركعة من المغرب، أو العشاء، أو الظهر، أو العصر، ونسي أن يقرأ فيما بقي منه قال: يعيد صلاته.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: فيمن ترك قراءة أم القرآن في ركعة أو أكثر قال: إن تركها في ركعة واحدة سجد للسهو وأجزأته صلاته، إلا الصبح، فإنه إن ترك ذلك في ركعة واحدة منها استأنف [الصلاة] ، هكذا قول مالك.

                                                                                                                                                                              وقال إسحاق: (كلما) قرأ في ثلاث ركعات إماما أو منفردا فصلاته جائزة؛ لما أجمع الخلق أن كل من أدرك الإمام راكعا فركع معه أدرك تلك الركعة وقراءتها.

                                                                                                                                                                              وكان سفيان الثوري يقول: إن قرأ في ركعة من الفجر ولم يقرأ في الأخرى أعاد الصلاة، قال سفيان: إن قرأ في ركعة ولم يقرأ في الثلاث من الظهر، والعصر، والعشاء أعاد.

                                                                                                                                                                              وفيه قول رابع: قاله الحسن قال: إذا قرأت في الصلاة [في] ركعة أجزأك [ ص: 273 ] .

                                                                                                                                                                              1331 - حدثناه موسى بن هارون، قال: ثنا خلف، قال: ثنا جعد، عن يونس، عن الحسن قال: "إذا قرأت في الصلاة في ركعة أجزأك.

                                                                                                                                                                              ولعل من حجته ظاهر قوله: "لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب" ، فإن الظهر صلاة واحدة، وهذا قد قرأ فيها، وحكم سائر الصلوات حكمها. ولعل من حجة غيره أن يقول: لكل ركعة حكمها من الركوع والسجود والقراءة، فكما إذا ترك ركوعا في ركعة لم تجزئه، أو ترك سجدة فيها لم تجزئه، فكذلك القراءة لا تجزئه إلا أن يقرأ في كل ركعة، كما عليه أن يركع ويسجد في كل ركعة، مع حديث أبي قتادة الذي ذكرناه في أول هذا الباب.

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن علي بن أبي طالب من حديث شريك، عن أبي إسحاق ، عن الحارث، عن علي، أنه سئل عن رجل صلى ولم يقرأ، قال: يجزئه. وهذه رواية ضعيفة.

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن ابن عمر ، أنه كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعا، في كل ركعة بأم القرآن وسورة، وكان يقرأ أحيانا [بالسورتين] والثلاث في الركعة الواحدة في صلاة الفريضة، ويقرأ في الركعتين من المغرب كذلك بأم القرآن وسورة سورة ".

                                                                                                                                                                              1332 - حدثنا علي بن الحسن ، قال: نا عبد الله، عن سفيان، عن أبي [ ص: 274 ] إسحاق، عن الحارث، عن علي، أن رجلا جاءه فقال: إني قد صليت ولم أقرأ؟ قال: أتممت الركوع، والسجود؟ قال: نعم، قال: تمت صلاتك.

                                                                                                                                                                              1333 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثني القعنبي، عن مالك، عن نافع : أن ابن عمر "كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعا في كل ركعة بأم القرآن وسورة من القرآن، وكان [يقرأ] أحيانا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة في صلاة الفريضة، ويقرأ في الركعتين من المغرب كذلك بأم القرآن وسورة سورة.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية