الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر القيام من الركعتين قبل الجلوس ساهيا، والمضي في الصلاة إذا استوى المصلي قائما، ووجوب سجود السهو على من فعل ذلك

                                                                                                                                                                              1659 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله، قال: أخبرنا يزيد بن هارون ، قال: أخبرنا يحيى الأنصاري، عن عبد الرحمن بن هرمز: أن ابن بحينة أخبره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في الثنتين من الظهر أو العصر فلم يسترح، فلما اعتدل قائما لم يرجع حتى فرغ من صلاته، ثم سجد سجدتي السهو وهو جالس قبل أن يسلم ثم سلم.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: والذي عليه أكثر أهل العلم اتباع خبر ابن بحينة، يقولون: إذا قام المصلي من الركعتين الأوليين، فإن ذكر بعد أن يستوي قائما لم يرجع إلى الجلوس، ومضى في صلاته وسجد سجدتي السهو. [ ص: 478 ]

                                                                                                                                                                              1660 - حدثنا علان بن المغيرة، قال: نا ابن أبي مريم، قال: نا بكر بن مضر والليث بن سعد، قالا: نا يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شماسة أنه قال: لما صلى لنا عقبة بن عامر ، فقام وعليه جلوس فقال الناس وراءه: سبحان الله سبحان الله! فلم يجلس، فلما فرغ سجد سجدتين وهو جالس، ثم قام فقال: إني [قد سمعتكم حين قلتم]: سبحان الله؛ كيما أجلس، وأنه ليس تلك السنة، وإنما السنة التي صنعت.

                                                                                                                                                                              وممن روينا عنه أنه فعل ذلك عمر بن الخطاب ، وسعد بن أبي وقاص ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، وابن الزبير ، والضحاك بن قيس، والنعمان بن بشير، وابن مسعود .

                                                                                                                                                                              1661 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: ثنا حجاج، قال: نا حماد، قال: أنا عمران بن حدير ، عن نصر بن عاصم: أن عمر بن الخطاب قام في الركعة، فسبح به فأومأ إليهم أن قوموا، فلما قضى صلاته سجد سجدتي الوهم.

                                                                                                                                                                              1662 - حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب، قال: أخبرنا يعلى بن عبيد ، قال: أنا إسماعيل، عن قيس، قال: صلى سعد بن أبي وقاص بالناس الظهر أو العصر فقام في الركعة الثانية، فمضى في صلاته ثم سجد سجدتين. [ ص: 479 ]

                                                                                                                                                                              1663 - حدثنا إسماعيل بن قتيبة ، قال: نا أبو بكر، قال: ثنا محمد بن بشر، قال: نا مسعر ، عن ثابت بن عبيد ، قال: صليت خلف المغيرة بن شعبة فقام في الركعتين فلم يجلس، فلما فرغ سجد سجدتين.

                                                                                                                                                                              1664 - حدثنا إسماعيل، قال: نا أبو بكر، قال: نا أسباط بن محمد ، عن مطرف، عن الشعبي ، قال: صلى الضحاك بن قيس بالناس الظهر، فلم يجلس في الركعتين الأوليين، فلما سلم سجد سجدتين وهو جالس.

                                                                                                                                                                              1665 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا حجاج، قال: نا حماد، قال: ثنا داود بن أبي هند، عن العباس - يقال أنه: ابن عبد الرحمن الهاشمي - : أن عبد الله بن الزبير قام في (الرابعة) ، فسبح به القوم، فأومأ إليهم أن قوموا، فلما قضى صلاته سجد سجدتي الوهم.

                                                                                                                                                                              1666 - حدثنا إسماعيل، قال: نا أبو بكر، قال: نا أبو خالد الأحمر ، عن ابن عون ، عن الشعبي : أن النعمان بن بشير صلى فنهض في الركعتين فسبحوا فمضى فيها، فلما فرغ سجد سجدتي الوهم وهو جالس.

                                                                                                                                                                              1667 - ومن حديث محمد بن يحيى ، قال: نا الهيثم بن جميل، قال: نا شريك، عن منصور، عن (ذر بن لقيط) ، عن قيس بن سليم قال: أمنا [ ص: 480 ] عبد الله - يعني ابن مسعود - فنهض في الركعتين على قدميه، ثم مضى ولم يجلس، فلما قضى الصلاة سجد سجدتين بعدما سلم وهو جالس.

                                                                                                                                                                              وقد اختلف أهل العلم فيمن فعل ذلك، فقالت طائفة: إذا ذكر ولم يستتم قائما جلس، هذا قول علقمة، والضحاك، وقتادة، والأوزاعي، والشافعي ، وروي ذلك عن مكحول ، وعمر بن العزيز، غير أن الشافعي يرى [إذا رجع إلى الجلوس] أن يسجد سجدتي السهو، وفي قول علقمة، والأوزاعي: لا يسجد للسهو.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: إن ذكر ساعة يقوم جلس، كذلك قال حماد بن أبي سليمان، وقال النخعي: يقعد ما لم يستفتح القراءة.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث، وهو أن المصلي إذا فارقت أليته الأرض [و] دنا للقيام، مضى كما هو، ولا يرجع حتى يجلس في [الرابعة] ، ثم يسجد سجدتي السهو قبل السلام، كذلك قال مالك بن أنس ، وقال حسان بن عطية: إذا تجافت ركبتاه عن الأرض مضى. [ ص: 481 ]

                                                                                                                                                                              وفيه قول رابع: وهو أن يقعد وإن قرأ، ما لم يركع، هكذا قال الحسن البصري ، قال: يقعد وإن قرأ ثمانين آية ما لم يركع.

                                                                                                                                                                              وقد روينا في هذا الباب حديثا موافقا لمذهب الشافعي ومن وافقه، وفي إسناده مقال.

                                                                                                                                                                              1668 - من حديث الفريابي، عن الثوري ، عن جابر، عن المغيرة بن (شبيل، عن قيس، عن المغيرة بن) شعبة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدكم في الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس، فإذا استتم قائما فلا يجلس (ويسجد) سجدتي السهو.

                                                                                                                                                                              وهذا غير ثابت، وقد خالف شعبة الثوري في إسناده.

                                                                                                                                                                              وقد اختلف فيمن ذكر وقد نهض للقيام قبل أن يستوي قائما فجلس، فرأت طائفة: أن يسجد سجود السهو، روي ذلك عن النعمان بن بشير ، وأنس بن مالك . [ ص: 482 ]

                                                                                                                                                                              وبه قال الثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              1669 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا أبو النعمان، قال: نا حماد بن زيد ، عن ابن عون ، عن الشعبي قال: صلى بنا النعمان بن بشير فنهض في الركعتين فسبح القوم فجلس، فلما كان في آخر الصلاة سجد سجدتين وسجدنا معه.

                                                                                                                                                                              1670 - حدثنا علي، قال: نا عبد الله، عن سفيان، قال: حدثني يحيى بن سعيد ، عن أنس بن مالك قال: رأيته تحرك للقيام في الركعتين من العصر، فسبحوا به فجلس وسجد سجدتين وهو جالس.

                                                                                                                                                                              وأسقطت طائفة عنه سجود السهو، كان علقمة، والنخعي، والأوزاعي: لا يرون عليه سجود السهو.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية