الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في المصلي يشك في صلاته ما يفعل؟

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في المصلي يشك في صلاته، فقالت طائفة: يبني على اليقين، ويسجد سجدتي السهو، هذا قول عبد الله بن مسعود ، وبه قال سالم بن عبد الله ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن ، ومالك بن أنس، وعبد العزيز بن أبي سلمة ، والأوزاعي، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور. وروينا عن علي بن أبي طالب أنه [قال]: توخ الصواب، ثم قم فاركع، ثم اسجد سجدتين، فإن الله لا يعذب على الزيادة، وقال ابن عمر : [يتوخى] ، حتى يعلم أنه قد أتم، ثم يسجد سجدتين وهو جالس.

                                                                                                                                                                              1646 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا القعنبي، عن مالك، عن عمر بن محمد، عن سالم بن عبد الله : أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا شك أحدكم في صلاته [فليتوخ] الذي يظن أنه قد نسي من صلاته [فليصله] ويسجد سجدتين وهو جالس. [ ص: 470 ]

                                                                                                                                                                              1647 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: إذا شك الرجل في صلاته فلم يدر ثلاثا صلى أم ثنتين، فليبن على أوثق ذلك ثم يسجد سجدتي السهو.

                                                                                                                                                                              1648 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق ، عن الحارث، عن علي، قال: إذا كنت لا تدري أربعا صليت أم ثلاثا فتوخ الصواب، ثم قم فاركع، ثم اسجد سجدتين، فإن الله لا يعذب على الزيادة.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: إذا لم يدر كم صلى أعاد حتى يحفظ، روي هذا القول عن ابن عمر ، وابن عباس ، وعبد الله بن عمرو، وشريح، والشعبي، وعطاء، وسعيد بن جبير، وميمون، وبه قال الأوزاعي في رجل سها في صلاته فلم يدر كم صلى.

                                                                                                                                                                              1649 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا حجاج بن منهال، قال: نا حماد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ؛ أنه قال: إذا لم يدر كم صلى فليعد حتى يحفظ.

                                                                                                                                                                              1650 - حدثنا علي، قال: نا حجاج، قال: نا داود بن أبي الفرات، عن إبراهيم الصائغ ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس قال: إذا لم [ ص: 471 ] يدر كم صلى فليعد حتى يحفظ.

                                                                                                                                                                              1651 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام بن منبه، قال: سألت أبا هريرة قلت: شككت في صلاتي؟ قال: يقولون: تسجد سجدتي السهو وأنت جالس، قال: وسألت عبد الله بن عمرو فقال: عد لصلاتك حتى تحفظ.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: يعيد المكتوبة، ويسجد سجدتي السهو للتطوع، روي هذا القول عن سعيد بن جبير ، خلاف الرواية التي وافق فيها شريح والشعبي.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة رابعة: بظاهر الحديث الذي بدأنا بذكره في أول هذا الباب، وممن قال بذلك: أبو هريرة ، قال أبو هريرة : إذا خطر الشيطان بين قلب أحدكم وبين صلاته فلم يدر كم صلى، ليسجد سجدتي الوهم. وقال أنس بن مالك ، والحسن البصري: إذا شك في ثلاث أو أربع فإنه يسجد سجدتي الوهم.

                                                                                                                                                                              1652 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا حجاج، قال: نا حماد، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أنه قال: إذا خطر الشيطان بين قلب أحدكم وبين صلاته فلم يدر كم صلى، سجد سجدتي الوهم.

                                                                                                                                                                              1653 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام بن منبه [ ص: 472 ] ، قال: سألت أبا هريرة فقلت: شككت في صلاتي؟ قال: يقولون: تسجد سجدتين وأنت جالس.

                                                                                                                                                                              1654 - حدثنا علي، قال: نا حجاج، قال: نا حماد، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، والحسن أنهما قالا: إذا شك في ثلاث أو أربع فإنه يسجد سجدتي الوهم.

                                                                                                                                                                              وفيه قول خامس: [قاله] عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس ، قال: إن نسيت المكتوبة فعد لصلاتك، قال عطاء : لم أسمع منه في ذلك غير ذلك، ولكن بلغني عنه، وعن ابن عمر أنهما قالا: فإن نسيت الثانية فلا تعد لها، وصل على أحرز ذلك في نفسك، ثم تسجد سجدتين بعدما تسلم وأنت جالس.

                                                                                                                                                                              1655 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال: إن نسيت المكتوبة فعد لصلاتك، قال: ولم أسمع منه في ذلك غير ذلك، ولكن بلغني عنه وعن ابن عمر أنهما قالا: فإن نسيت الثانية فلا تعد لها وصل على أحرز ذلك في نفسك، ثم تسجد سجدتين بعدما تسلم وأنت جالس.

                                                                                                                                                                              وروينا عن طاوس أنه قال: إذا لم تدر كم صليت فعد لصلاتك كلها، فإن أثبت أنك صليت ركعتين، ولم تدر فيما سواهما كم صليت، فعد للذي شككت فيه، [ولا تعد للركعتين] اللتين قد أثبت، واسجد [ ص: 473 ] سجدتين وأنت جالس، فإن شككت ثانية فلا تعد فإنما العود مرة واحدة.

                                                                                                                                                                              وفيه قول سادس: روينا عن سعيد بن جبير ، وعطاء، وميمون بن مهران، أنهم كانوا إذا شكوا في الصلاة أعادوها ثلاث مرات، فإذا كانت الرابعة لم يعيدوا.

                                                                                                                                                                              وفيه قول سابع: في الإمام لا يدري كم صلى، قال: ينظر ما يصنع من وراءه، هذا قول النخعي، وقال عطاء : يوشك أن يعلمه من وراءه.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثامن: قاله مكحول فيمن شك فلم يدر ثلاثا صلى أم أربعا، قال: فليركع ركعة حتى تكون صلاته إلى الزيادة أقرب منها إلى النقصان، ولا يسجد للسهو فإنه ليس بالسهو.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: في حديث أبي هريرة ، وأبي سعيد إثبات سجود السهو على الشاك في صلاته، وفي حديث ابن عباس ، وأبي سعيد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الشاك أن يبني على اليقين ثم يسجد (سجود) السهو، فقبول الزيادة التي زادها أبو سعيد ، وابن عباس تجب؛ لأنهما حفظا ما لم يحفظه أبو هريرة ، فوجب قبول [ما حفظنا] من الزيادة مما لم يحفظه أبو هريرة ، كما يجب قبول خبر لو تفرد به كل واحد منهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا شك المصلي في صلاته، ولم يكن له [تحر] ، ولم يمل قلبه إلى أحد العددين فإنه ينظر إلى ما استيقن أنه صلى فيحتسب به، [ويلقي الشك ويبني] [ ص: 474 ] على اليقين، ويسجد سجدتي السهو قبل التسليم على ما في حديث ابن عباس ، فإن مال قلبه إلى أحد العددين فقد اختلف في ذلك.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية