الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر التروح في الصلاة

                                                                                                                                                                              واختلفوا في التروح في الصلاة، فكرهت طائفة ذلك، وممن كره ذلك: عطاء بن أبي رباح ، والنخعي، وأبو عبد الرحمن، ومسلم بن يسار ، وقال مالك: لا أرى ذلك، وروينا عن ابن مسعود أنه سئل عن ذلك؟ فقال: أرأيتم لو أن الناس كلهم فعلوا ذلك كان قبيحا؟ قالوا: نعم، قال عبد الله: ما قبح للعامة قبح للرجل الواحد.

                                                                                                                                                                              1638 - حدثنا محمد بن علي ، قال: نا سعيد، قال: نا هشيم ، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، عن الهجنع بن قيس قال: سئل ابن [ ص: 463 ] مسعود عن الرجل يروح في الصلاة؟ فقال عبد الله: أرأيتم لو أن الناس كلهم فعلوا ذلك كان قبيحا؟ قالوا: نعم، قال عبد الله: ما قبح للعامة قبح للرجل الواحد.

                                                                                                                                                                              1639 - حدثنا موسى، قال: نا أبو بكر، قال: نا معن بن عيسى، عن [عبيدة] ابنة نابل مولاة عائشة ابنة سعد قالت: رأيت عائشة ابنة سعد تنفض درعها في الصلاة - أي تروح به.

                                                                                                                                                                              ورخصت طائفة في ذلك، وممن روي عنه أنه رخص في ذلك ابن سيرين ، ومجاهد، والحسن ، وعائشة بنت سعد، وقال أحمد : يكره ذلك إلا أن يأتي الأمر الشديد أو الغم الشديد، كما أنه لو آذاه الحر أو البرد سجد على ثوبه، وكذلك قال إسحاق.

                                                                                                                                                                              مسائل:

                                                                                                                                                                              كان مالك بن أنس ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق لا يرون بأسا أن يراوح المصلي بين قدميه. وكذلك نقول.

                                                                                                                                                                              وأكره أن يمسح الرجل جبهته وهو يصلي، وإن فعل فلا شيء عليه. روينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: أربع من الجفاء، فذكر مسح الرجل أثر سجوده وهو يصلي. [ ص: 464 ]

                                                                                                                                                                              وكره ذلك أحمد ، والأوزاعي.

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : لو ترك المصلي مسح وجهه من التراب حتى يسلم كان أحب إلي، فإن فعل فلا شيء عليه.

                                                                                                                                                                              وكان مالك يقول: إذا كثر التراب في جبهته فلا بأس أن يمسح ذلك، وكذلك كفيه، وقال أصحاب الرأي: لا يكره ذلك.

                                                                                                                                                                              1640 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: نا أحمد بن يونس ، قال: نا زائدة ، عن عاصم، عن المسيب، عن عبد الله، قال: أربع من الجفاء، ومن الجفاء أن يمسح الرجل أثر السجود من التراب وهو يصلي.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في قتل القمل، والبراغيث في الصلاة، فرخصت فيه طائفة، روينا عن أنس أنه كان يقتل القمل، والبراغيث في الصلاة، وكان الحسن يقتل القمل في الصلاة.

                                                                                                                                                                              1641 - حدثونا عن بندار ، قال: نا عبد الرحمن، قال: نا معاوية بن صالح ، عن توبة أبي صدقة: أن أنس بن مالك كان يقتل القمل، والبراغيث في الصلاة. [ ص: 465 ]

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي : ترك ذلك أحب إلي، وقال أحمد ، وإسحاق : لا بأس بقتل القمل، وما نحب العبث به.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وللمرء أن يحمل الصبي في الصلاة المكتوبة والتطوع، ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حمل أمامة ابنة أبي العاص في الصلاة.

                                                                                                                                                                              1642 - حدثنا بكار بن قتيبة ، قال: نا أبو عاصم، قال: نا ابن عجلان ، عن المقبري ، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم وعلى عنقه أمامة ابنة أبي العاص ، فإذا ركع وضعها، وإذا قام حملها.

                                                                                                                                                                              وبهذا قال الشافعي ، وأبو ثور. وحكى أبو ثور عن الكوفي أنه قال في المصلي يحمل [صبيا] في الصلاة، أو يفتح بابا، أو مضى خلف دابة، قال: صلاته فاسدة.

                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: والسنة مستغنى بها.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في المرأة ترضع صبيها وهي تصلي، فقال الأوزاعي مرة: قطعت صلاتها، وقال مرة: إن كان من ضرورة فلا بأس به. وقال أبو ثور: إن لم ينكشف ثديها فصلاتها تامة.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل تفوته العشاء فلم يصلها حتى طلعت الشمس، فكان الأوزاعي [يقول]: إذا صلاها بالنهار يسر القراءة، وإن صلاها [ ص: 466 ] بالليل إن شاء يسر وإن شاء يعلن.

                                                                                                                                                                              وحكى أبو ثور عن الشافعي أنه قال: لا يجهر، وقال أبو ثور: يجهر. وحكي عن الكوفي أنه قال: إن أم قوما (فيما جهر جهر) ، وإن صلى وحده خافت. [ ص: 467 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية