الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر التعجيل بصلاة الظهر.

                                                                                                                                                                              996 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: نا مسدد ، قال: نا يحيى، عن شعبة ، قال: نا سعد بن إبراهيم ، عن محمد بن عمرو بن حسن، قال: [ ص: 52 ] سألنا جابر بن عبد الله عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "كان يصلي الظهر حين تزول الشمس".

                                                                                                                                                                              997 - حدثنا إسحاق، قال: أنا عبد الرزاق ، قال: أنا معمر ، عن الزهري ، قال: أخبرني أنس بن مالك ، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر حين زاغت الشمس".

                                                                                                                                                                              998 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: نا أبو عمر، قال: نا شعبة ، عن أبي المنهال ، عن أبي برزة ، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا زاغت الشمس".

                                                                                                                                                                              999 - حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: نا خلاد بن يحيى، قال: نا يونس بن أبي إسحاق ، قال: حدثني سعيد بن وهب، قال: حدثني خباب بن الأرت، قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرمضاء، فما أشكانا، وقال: "إذا زالت الشمس فصلوا" وروينا عن عائشة أنها قالت: ما رأيت إنسانا قط أشد تعجيلا بالظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما استثنت أباها ولا عمر، وروي عن ابن مسعود أنه كان يصلي الظهر وإن الجنادب لتنفر من الرمضاء. [ ص: 53 ]

                                                                                                                                                                              1000 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا أبو نعيم ، قال: نا سفيان، عن زيد بن جبير، عن خشف بن مالك، قال: "كان عبد الله يصلي الظهر وإن الجنادب لتنفر من الرمضاء".

                                                                                                                                                                              1001 - حدثنا علي بن الحسن ، قال: ثنا عبد الله، عن سفيان، عن حكيم، عن إبراهيم، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت: "ما رأيت إنسانا قط أشد تعجيلا بالظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما استثنت أباها ولا عمر".

                                                                                                                                                                              وقد اختلف أهل العلم في التعجيل بالظهر في حال [الحر] فروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري : أن صل صلاة الظهر حين تزيغ - أو تزول - الشمس. وقال مسروق : صلى بنا عبد الله بن مسعود حين زالت الشمس، وقال: هذا - والذي لا إله غيره - وقت هذه الصلاة، وروي [عن] جابر أنه قال: الظهر كاسمها، يقول: بالظهيرة، وكان مالك يقول: أحب ما جاء في وقت صلاة الظهر إلي قول عمر بن الخطاب : أن صل الظهر إذا كان الفيء ذراعا، وكان أبو ثور يقول: أحب أن يصلى في أول الوقت إذا لم يكن حرا يؤذي. [ ص: 54 ] والله أعلم.

                                                                                                                                                                              1002 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا عارم، قال: نا حماد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين ، عن المهاجر، قال: كتب عمر إلى أبي موسى : " أن صل صلاة الظهر حين تزيغ الشمس أو حين تزول الشمس ".

                                                                                                                                                                              1003 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا أبو نعيم ، قال: نا قيس بن الحارث، قال: حدثني علي بن مدرك، أن سويد بن غفلة ، كان يؤذن بالهاجرة فسمعه الحجاج ، وهو بالدير فقال: ائتوني بهذا المؤذن فأتي بسويد فقال: ما حملك على الصلاة بالهاجرة؟ قال: صليت مع أبي بكر وعمر، فقال: "لا تؤذن لقومك ولا تؤمهم".

                                                                                                                                                                              1004 - حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال: نا ابن نمير ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق ، قال: صلى بنا عبد الله بن مسعود الظهر حين زالت الشمس وقال: "هذا - والذي لا إله غيره - وقت هذه الصلاة".

                                                                                                                                                                              1005 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر، قال: " الظهر كاسمها يقول: الظهيرة " والله أعلم. [ ص: 55 ]

                                                                                                                                                                              واستحبت طائفة تأخير الظهر في شدة الحر، استحب ذلك أحمد ، وإسحاق ، وقال أصحاب الرأي: في الصيف يجب أن يؤخرها ويبرد بها.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث قاله الشافعي ، قال: يعجل الحاضر الظهر إماما ومنفردا في كل وقت إلا في شدة الحر، فإن اشتد الحر أخر إمام الجماعة التي تنتاب من البعد الظهر حتى يبرد بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما من صلاها في بيته، وفي جماعة بفناء بيته، ولا يحضرها إلا من بحضرته، فيصليها في أول وقتها؛ لأنه لا أذى عليهم في حرها، ولا تؤخر في الشتاء بحال.

                                                                                                                                                                              وقد احتج بعض من يرى أن تعجيلها في الشتاء والصيف أفضل بأنهم لما قالوا: إن تعجيلها في الشتاء أفضل واختلفوا في تعجيلها في الصيف كان حكم الصيف حكم الشتاء، وكان الثواب في تعجيلها في الصيف أعظم؛ إذ هو على البدن أشق، وقال آخر: لما اختلفت الأخبار في هذه المسألة رجعنا إلى الأخبار التي فيها تعجيل الصلوات في أوائل أوقاتها فقلنا بها.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: تعجيل الصلوات في أوائل أوقاتها أفضل إلا صلاة الظهر في شدة الحر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اشتد الحر فأبردوا [ ص: 56 ] بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم" والقائل بهذا القول مستعمل للخبرين جميعا، ولا فرق بين المصلي في بيته أو في جماعة بفناء بيته، أو في المساجد التي تنتاب من البعد؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عم ولم يخص، ولو كان له مراد لبين ذلك، وليس لأحد أن يستثني من الحديث إلا بحديث مثله، وهذا يلزم القائلين بعموم الأخبار، فإن دفع بعض الناس قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة" بخبر خباب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرمضاء فما أشكانا فقد يكون امتنع من ذلك في وقت ثم رخص لهم بعد ذلك في تأخير الظهر وأمرهم به.

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا مفسرا يدل على صحة ما قلناه.

                                                                                                                                                                              1006 - حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى ، قال: نا أحمد بن حنبل ، قال: أنا إسحاق بن يوسف، عن شريك، عن بيان بن بشر، [عن قيس بن أبي حازم ] عن المغيرة بن شعبة ، قال: كنا نصلي مع نبي الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، فقال لنا: "أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم".

                                                                                                                                                                              [ ص: 57 ] قال أبو بكر: فقد خبر المغيرة بالمعنى الأول الذي ذكره خباب من تعجيلهم صلاة الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر بأنه قال لهم: "أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم"، فوافق خبابا في تعجيل الظهر، وزاد ما ليس في خبر خباب مما نقلهم إليه في تأخير الظهر في شدة الحر.

                                                                                                                                                                              1007 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، وابن جريج عن الزهري ، عن ابن المسيب ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم".

                                                                                                                                                                              1008 - وحدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: مثله.

                                                                                                                                                                              1009 - وعن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن الأعمش ، عن ذكوان ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله.

                                                                                                                                                                              1010 - أخبرنا الربيع ، قال: أنا الشافعي ، قال: أنا مالك، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم". [ ص: 58 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية