الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر وقت الجمعة

                                                                                                                                                                              ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الجمعة بعد زوال الشمس.

                                                                                                                                                                              976 - أخبرنا محمد بن عبد الله، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: أخبرني أبو يحيى بن سليمان، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن أنس بن [ ص: 43 ] مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة حين يميل الفيء.

                                                                                                                                                                              977 - وحدثونا عن إسحاق بن راهويه ، قال أنا وكيع ، قال: نا يعلى بن الحارث ، قال: سمعت إياس بن سلمة ، عن أبيه، قال: كنا نجمع مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتتبع الفيء.

                                                                                                                                                                              978 - حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب، قال: أخبرنا خالد بن مخلد ، قال: نا سليمان بن بلال ، قال: أخبرني جعفر بن محمد ، عن أبيه، قال: سألت جابر بن عبد الله : متى كان يصلي لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة؟ قال: كان يصلي، ثم أذهب إلى جمالنا فأريحها، يعني النواضح.

                                                                                                                                                                              وأجمع أهل العلم أن الجمعة تجزي إذا صليت بعد زوال الشمس. واختلفوا فيمن صلى الجمعة قبل زوال الشمس، فقال عوام أهل العلم: لا تجزئ الجمعة قبل زوال الشمس، وممن كان يصلي الجمعة بعد زوال الشمس عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعمار بن ياسر، وقيس بن سعد، وعمرو بن حريث، والنعمان بن بشير وغيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                              979 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال: هجرت يوم [ ص: 44 ] الجمعة، فلما زالت الشمس خرج عمر، فصعد المنبر، وأخذ المؤذن في أذانه.

                                                                                                                                                                              980 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: نا أحمد بن يونس ، قال: نا زهير ، قال: نا أبو إسحاق ، أنه صلى خلف علي الجمعة، فصلاها بالهاجرة بعد ما زالت الشمس.

                                                                                                                                                                              981 - حدثنا محمد بن علي ، قال: نا سعيد، قال: ثنا أبو معاوية ، قال: نا

                                                                                                                                                                              إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين ، قال: صليت مع علي الجمعة حين زالت الشمس.

                                                                                                                                                                              982 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا حجاج، قال: نا ابن جريج ، قال: أخبرني عمرو بن دينار ، عن يزيد بن هرمز، قال: أنا أبان بن عثمان قال: كنا نصلي الجمعة مع عثمان بن عفان ثم نرجع فنقيل.

                                                                                                                                                                              983 - حدثنا محمد بن علي ، قال: نا سعيد، قال: نا أبو معاوية ، قال: نا إسماعيل بن سميع، عن بلال العبسي، قال: صلى بنا عمار بن ياسر ، فانصرف والناس فرقان، فرق يقولون: زالت الشمس، وفرق يقولون: لم تزل [ ص: 45 ] .

                                                                                                                                                                              984 - أخبرنا الربيع ، قال: أخبرنا الشافعي ، قال: أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن يوسف بن ماهك، قال: قدم معاذ بن جبل على أهل مكة وهم يصلون الجمعة والفيء في الحجر، فقال: لا تصلوا حتى تفيء الكعبة من وجهها.

                                                                                                                                                                              985 - حدثنا محمد بن علي قال: نا سعيد قال: نا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبيه أخبره، أنهم كانوا يصلون الجمعة مع قيس بن سعد الأنصاري صاحب نبي الله صلى الله عليه وسلم حين تزيغ الشمس ويرجعون، فيقيلون.

                                                                                                                                                                              986 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: نا عيسى، قال: نا محمد بن بشر العبدي ، عن عبد الله بن الوليد بن العيزار، قال: ما رأيت إماما أحسن صلاة للجمعة من عمرو بن حريث . قال: كان يصليها إذا زالت الشمس.



                                                                                                                                                                              987 - حدثنا موسى بن هارون قال: نا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال: نا عبد الله قال: نا حسن، عن سماك قال: كان النعمان بن بشير يصلي بنا الجمعة بعد ما تزول الشمس [ ص: 46 ] .

                                                                                                                                                                              988 - وحدثونا عن محمد بن يحيى ، قال: نا ابن أبي مريم، قال: أنا يحيى بن أيوب ، عن ابن عجلان ، عن نافع ، أن عبد الله بن عمر كان: "لا يروح إلى الجمعة حتى تزيغ الشمس".

                                                                                                                                                                              وبه قال عمر بن عبد العزيز ، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، [وغيرهم] وهو قول الأوزاعي ، ومالك، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وأبي ثور، وقال أحمد : يترك الشرى والبيع إذا زالت الشمس. وقال إسحاق: إذا أذن المؤذن حرم البيع والشرى.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: روينا عن عبد الله بن سيدان المطرودي أنه قال: صليت مع أبي بكر الصديق فكانت خطبته وصلاته قبل [نصف النهار]، ثم صليتها مع عمر بن الخطاب ، فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول انتصف النهار، ثم صليتها مع عثمان، فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول زال النهار، فلم أسمع أحدا عاب ذلك.

                                                                                                                                                                              وروي عن ابن مسعود أنه كان ينصرف من الجمعة ضحى ويقول: إنما عجلت بكم خشية الحر عليكم. وعن سعيد بن سويد أنه قال: صلى بنا معاوية الجمعة ضحى. وقال عطاء : كل عيد حين (يمتد) الضحى: الجمعة، والأضحى، والفطر [ ص: 47 ] .

                                                                                                                                                                              989 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: نا محمد بن كناسة، وكثير بن هشام، قالا: نا جعفر بن برقان ، قال: نا ثابت بن الحجاج ، عن عبد الله بن سيدان المطرودي، - ثم من بني سليم - قال: "صليت الجمعة مع أبي بكر الصديق ، فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، قال: ثم صليتها مع عمر بن الخطاب ، فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول: انتصف النهار، ثم صليتها مع عثمان بن عفان ، فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول: زال النهار، فلم أسمع أحدا عاب ذلك".

                                                                                                                                                                              990 - حدثنا علي بن الحسن ، قال: نا عبد الله بن سفيان، قال: حدثني عمرو بن يحيى المازني، عن عبد الله بن سليط، قال: "كنت أصلي مع عثمان الجمعة، ثم آتي بني دينار، وما أجد شيئا يظلني".

                                                                                                                                                                              991 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: نا أبو الوليد الطيالسي ، قال: نا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، قال: سمعت عبد الله بن سلمة، - وإنا، لنعرف وننكر - قال: كان عبد الله ينصرف من الجمعة ضحى، ويقول: "إنما [ ص: 48 ] عجلت لكم خشية الحر عليكم".

                                                                                                                                                                              992 - حدثنا محمد بن علي ، قال: نا سعيد، قال: نا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سويد بن سعيد ، قال: "صلى بنا معاوية الجمعة في الضحى.

                                                                                                                                                                              وحكى إسحاق بن منصور عن أحمد ، أنه قيل له: الجمعة قبل الزوال أو بعده؟ قال: إن فعل ذلك - يعني قبل الزوال - فلا أعيبه، وأما بعده فليس فيه شك، وكذلك قال إسحاق، وحكى الأثرم عن أحمد أنه قال: فيها من الاختلاف ما قد علمت.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول وذلك للأخبار المذكورة في أول الباب، وقد احتج بعض أصحابنا، فقال: قد أجمعوا على وجوب الفرض بزوال الشمس، وسقوط الفرض عمن وجب عليه إذا صلاها بعد الزوال، واختلفوا في وجوبه قبل زوال الشمس وفي سقوط ما وجب من صلاة الجمعة عمن وجب عليه إذا صلاها قبل الزوال. قال: فالإجماع حجة، والاختلاف فلا يجب به فرض، ولا يزول كذلك ما وجب باختلاف.

                                                                                                                                                                              [ ص: 49 ] فأما حديث عبد الله بن سيدان فغير ثابت ذلك عن أبي بكر وعمر، وقد عارضه حديث عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس ، عن عمر، وحديث ابن مسعود وقد خبر عمرو بن مرة أن عبد الله كان يحدثهم فنعرف وننكر - يعني عبد الله بن سلمة - ، وقد ذكرنا ما في الحجج في كتاب الصلاة الكبير.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية