الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر إباحة التحميد والثناء على الله عز وجل في الصلاة المكتوبة عندما يرى المصلي ما يجب به عليه شكر ربه على ذلك

                                                                                                                                                                              1563 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: نا عفان، قال: نا حماد بن زيد ، قال: نا أبو حازم ، عن سهل بن سعد ، قال: كان قتال (بين بني) عمرو بن عوف ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاهم بعد الظهر ليصلح بينهم فقال: "يا بلال، إذا حضرت الصلاة ولم آت، فمر أبا بكر يتقدم [ ص: 413 ] بهم"، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما دخل أبو بكر [في الصلاة] فلما رأوه صفحوا، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يشق الناس حتى قام خلف أبي بكر ، وكان أبو بكر إذا دخل في الصلاة لم يلتفت، فلما رأى أن التسبيح لا يمسك عنه التفت فرأى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه، فأومأ إليه [رسول الله صلى الله عليه وسلم] أن امضه، فقام أبو بكر هنيهة فحمد الله على ذلك ثم مشى القهقرى، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: "يا أبا بكر، ما منعك إذ أومأت أن لا تكون مضيت؟" قال أبو بكر: لم يكن لابن أبي قحافة أن يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقال للناس: "إذا نابكم في صلاتكم شيء فليسبح الرجال ولتصفح النساء".

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: يدل هذا الحديث على وجوه من السنن، فمن ذلك نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال عن التصفيق في صلاتهم، [وعلى أن من السنة للرجال إذا نابهم في صلاتهم] شيء أن يسبحوا، وتصفق النساء، ومنها إسقاط الإعادة عمن صفق في الصلاة، [إذ] لم يأمر من [فعل] ذلك بالإعادة، وهذا يشبه ضربهم بأيديهم على أفخاذهم في حديث معاوية بن الحكم، ولم يأمر أولئك بالإعادة، ومنها الرخصة في تقدم المصلي عن مصلاه، وأن ذلك لا يفسد صلاته، تقدم [ ص: 414 ] أو تأخر؛ لأن أبا بكر رجع القهقرى فلم يكن عليه إعادة صلاة، ومنها إباحة رفع اليدين، والحمد لله، والثناء عليه في الصلاة عندما يرى المرء ما يحب أن يحمد الله عليه؛ إذ موجود في هذا الحديث أن أبا بكر وقف هنيهة يحمد الله، فلم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها الاستدلال بأن الالتفات لا يفسد صلاة المرء إذا لم [يتحول] عن القبلة بجميع بدنه، وإن كانت الأخبار تدل على كراهية الالتفات إلا عند النازلة تنزل، أو عند حاجة الإمام إلى إرشاد المأمومين لما يصلحهم من أمر صلاتهم، وقد ذكرت ذلك في غير هذا الموضع.

                                                                                                                                                                              ومنها إباحة الصلاة بإمام بعد إمام؛ لأن الصلاة التي صلى أبو بكر أولها بالقوم، ائتموا برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن مضى من صلاة أبي بكر [بهم] بعضها، فدل ذلك على أن الصلاة جائزة بإمامين [بإمام] بعد إمام.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية