الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الأذان للصلاة بعد خروج وقتها.

                                                                                                                                                                              1181 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله، قال: نا روح بن عبادة ، قال: نا هشام، عن الحسن، عن عمران بن حصين قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة - أو قال: في سرية - فلما كان آخر السحر: عرسنا فما استيقظنا حتى أيقظنا حر الشمس، فجعل الرجل منا يثب فزعا دهشا، فلما استيقظنا أمرنا فارتحلنا، ثم سرنا حتى ارتفعت الشمس، ثم نزلنا فقضى القوم حوائجهم، ثم أمر بلال فأذن فصلينا ركعتين، ثم أمره فأقام فصلى الغداة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: فقد سن رسول ا لله صلى الله عليه وسلم للصلاة الفائتة إذا نام عنها المرء أن يؤذن لها ويقام، وقد روي في أذان من قد فاتته الصلاة بعذر خبران:

                                                                                                                                                                              1182 - حدثنا أحدهما يحيى بن محمد، قال: نا مسدد ، قال: نا هشيم ، عن أبي الزبير ، عن نافع بن جبير، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله: أن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر، [ثم أقام فصلى العصر] ، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء". [ ص: 167 ]

                                                                                                                                                                              وممن مال إلى القول بهذا الحديث أحمد بن حنبل ، وأبو ثور، وقال أصحاب الرأي في رجل نسي صلاة فأراد أن يقضيها من الغد: يؤذن لها ويقيم، فإن لم يفعل فصلاته تامة.

                                                                                                                                                                              1183 - وأما الخبر الثاني فإن: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أخبرنا به، قال: أخبرنا ابن أبي فديك، قال: نا ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبي سعيد الخدري قال: حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب (بهوي) من الليل حتى كفينا، وذلك قول الله: ( وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا ) قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا، فأمره فأقام الظهر [فصلاها] فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها، ثم أقام العصر فصلاها كذلك، [ثم أقام المغرب فصلاها كذلك] ثم أقام العشاء فصلاها كذلك أيضا، قال: وذلك قبل أن ينزل الله في صلاة الخوف: ( فرجالا أو ركبانا ) . [ ص: 168 ]

                                                                                                                                                                              وممن قال بهذا الحديث مالك، والأوزاعي، والشافعي ، وإسحاق ، وقال الشافعي : إذا جمع بين الصلاتين وقد ذهب وقت الأولى منهما أقام لكل واحدة منهما بلا أذان، وكذلك كل صلاة صلاها في غير وقتها كما وصفت.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: هذا منه غلط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد سن للجامع بين الصلاتين - في وقت الأولى منهما جمع (بينهم) أم في وقت الآخرة - أن يؤذن للأولى من الصلاة ويقيم فيصليها، ثم يقيم [للآخرة] فيصليها، كذلك فعل بعرفة في حجته حين جمع بين الظهر والعصر، وبمزدلفة لما جمع بين المغرب والعشاء، ثابت ذلك عنه، وقد ذكرت إسناده في غير هذا الموضع، فأما حديث أبي عبيدة عن أبيه فغير ثابت؛ لأنه لم يلقاه ولم يسمعه منه، وقد ثبت حديث عمران بن حصين ، فالسنة لمن فاتته صلوات أن يؤذن للصلاة الأولى منهن ويقيم فيصليها، ثم يقيم لما بعدها من الصلوات لكل صلاة إقامة، والزيادة في الأخبار إذا ثبتت يجب استعمالها؛ إذ الزيادة في الخبر في معنى حديث تفرد به الراوي، فكما يجب قبول ما ينفرد به الثقة من الأخبار، كذلك يجب قبول الزيادة منه. والله أعلم [ ص: 169 ] .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية