باب الميم والنون وما يثلثهما
( مني ) الميم والنون والحرف المعتل أصل واحد صحيح ، يدل على تقدير شيء ونفاذ القضاء به . منه قولهم : منى له الماني ، أي قدر المقدر . قال
الهذلي :
لا تأمنن وإن أمسيت في حرم حتى تلاقي ما يمني لك الماني
والمنا : القدر . قال :
سأعمل نص العيس حتى يكفني غنى المال يوما أو منا الحدثان
وماء الإنسان مني ، أي يقدر منه خلقته . والمنية : الموت لأنها مقدرة على كل . وتمني الإنسان كذا قياسه ، أمل يقدره . قال قوم له ذلك الشيء الذي
[ ص: 277 ] يرجو . والأمنية : أفعولة منه . ومنى : [ منى ] مكة ، قال قوم : سمي به لما قدر أن يذبح فيه : من قولك مناه الله .
ومما يجري هذا المجرى المنا : الذي يوزن به ، لأنه تقدير يعمل عليه . وقولنا : تمنى الكتاب : قرأه . قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=52إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ، أي إذا قرأ . وهو ذلك المعنى ، لأن القراءة تقدير ووضع كل آية موضعها . قال :
تمنى كتاب الله أول ليله وآخره لاقى حمام المقادر
ومن الباب : مانى يماني مماناة ، إذا بارى غيره . وهو في شعر
nindex.php?page=showalam&ids=17356ابن الطثرية :
سلي عني الندمان حين يقول لي أخو الكأس ماني القوم في الخير أورد
وهذا من التقدير ، لأنه يقدر فعله بفعل غيره يريد أن يساويه . وأما منية الناقة ، فهي الأيام التي يتعرف فيها ألاقح هي أم حامل .
بَابُ الْمِيمِ وَالنُّونِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا
( مَنِيَ ) الْمِيمُ وَالنُّونُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ ، يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ شَيْءٍ وَنَفَاذِ الْقَضَاءِ بِهِ . مِنْهُ قَوْلُهُمْ : مَنَى لَهُ الْمَانِي ، أَيْ قَدَّرَ الْمُقَدِّرُ . قَالَ
الْهُذَلِيِّ :
لَا تَأْمَنَنَّ وَإِنْ أَمْسَيْتَ فِي حَرَمٍ حَتَّى تُلَاقِيَ مَا يَمَنِي لَكَ الْمَانِي
وَالْمَنَا : الْقَدَرُ . قَالَ :
سَأُعْمِلُ نَصَّ الْعِيسِ حَتَّى يَكُفَّنِي غِنَى الْمَالِ يَوْمًا أَوْ مَنَا الْحَدَثَانِ
وَمَاءُ الْإِنْسَانِ مَنِيٌّ ، أَيْ يُقَدَّرُ مِنْهُ خِلْقَتُهُ . وَالْمَنِيَّةُ : الْمَوْتُ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ عَلَى كُلٍّ . وَتَمَنِّي الْإِنْسَانِ كَذَا قِيَاسُهُ ، أَمَلٌ يُقَدِّرُهُ . قَالَ قَوْمٌ لَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي
[ ص: 277 ] يَرْجُو . وَالْأُمْنِيَّةُ : أُفْعُولَةٌ مِنْهُ . وَمِنَى : [ مِنَى ] مَكَّةَ ، قَالَ قَوْمٌ : سُمِّيَ بِهِ لِمَا قُدِّرَ أَنْ يُذْبَحَ فِيهِ : مِنْ قَوْلِكَ مَنَاهُ اللَّهُ .
وَمِمَّا يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى الْمَنَا : الَّذِي يُوزَنُ بِهِ ، لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ يُعْمَلُ عَلَيْهِ . وَقَوْلُنَا : تَمَنَّى الْكِتَابَ : قَرَأَهُ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=52إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ، أَيْ إِذَا قَرَأَ . وَهُوَ ذَلِكَ الْمَعْنَى ، لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ تَقْدِيرٌ وَوَضْعُ كُلِّ آيَةٍ مَوْضِعَهَا . قَالَ :
تَمَنَّى كِتَابَ اللَّهِ أَوَّلَ لَيْلِهِ وَآخِرَهُ لَاقَى حِمَامَ الْمَقَادِرِ
وَمِنَ الْبَابِ : مَانَى يُمَانِي مُمَانَاةً ، إِذَا بَارَى غَيْرَهُ . وَهُوَ فِي شِعْرِ
nindex.php?page=showalam&ids=17356ابْنِ الطَّثْرِيَّةِ :
سَلِي عَنِّيَ النُّدْمَانَ حِينَ يَقُولُ لِي أَخُو الْكَأْسِ مَانِي الْقَوْمَ فِي الْخَيْرِ أَوْرِدِ
وَهَذَا مِنَ التَّقْدِيرِ ، لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ فِعْلَهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ يُرِيدُ أَنْ يُسَاوِيَهُ . وَأَمَّا مُنْيَةُ النَّاقَةِ ، فَهِيَ الْأَيَّامُ الَّتِي يُتَعَرَّفُ فِيهَا أَلَاقِحٌ هِيَ أَمْ حَامِلٌ .