الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( قر ) القاف والراء أصلان صحيحان ، يدل أحدهما على برد ، والآخر على تمكن .

                                                          فالأول القر ، وهو البرد ، ويوم قار وقر . قال امرؤ القيس :


                                                          إذا ركبوا الخيل واستلأموا تحرقت الأرض واليوم قر

                                                          وليلة قرة وقارة . وقد قر يومنا يقر . والقرة : قرة الحمى حين يجد لها فترة وتكسيرا . يقولون : " حرة تحت قرة " ، فالحرة : العطش ، والقرة : قرة الحمى . وقولهم : أقر الله عينه ، زعم قوم أنه من هذا الباب ، وأن للسرور دمعة باردة ، وللغم دمعة حارة ، ولذلك يقال لمن يدعى عليه : أسخن الله عينه . والقرور : الماء البارد يغتسل به; يقال منه اقتررت .

                                                          والأصل الآخر التمكن ، يقال قر واستقر . والقر : مركب من مراكب النساء . وقال :

                                                          [ ص: 8 ]

                                                          على حرج كالقر تخفق أكفاني



                                                          ومن الباب [ القر ] : صب الماء في الشيء ، يقال قررت الماء . والقر : صب الكلام في الأذن .

                                                          ومن الباب : القرقر : القاع الأملس . ومنه القرارة : ما يلتزق بأسفل القدر ، كأنه شيء استقر في القدر .

                                                          ومن الباب عندنا - وهو قياس صحيح - الإقرار : ضد الجحود ، وذلك أنه إذا أقر بحق فقد أقره قراره . وقال قوم في الدعاء : أقر الله عينه : أي أعطاه حتى تقر عينه فلا تطمح إلى من هو فوقه . ويوم القر : يوم يستقر الناس بمنى ، وذلك غداة يوم النحر .

                                                          قلنا : وهذه مقاييس صحيحة كما ترى في البابين معا ، فأما أن نتعدى ونتحمل الكلام كما بلغنا عن بعضهم أنه قال : سميت القارورة لاستقرار الماء فيها وغيره ، فليس هذا من مذهبنا . وقد قلنا إن كلام العرب ضربان : منه ما هو قياس ، وقد ذكرناه ، ومنها ما وضع وضعا ، وقد أثبتنا ذلك كله . والله أعلم .

                                                          فأما الأصوات فقد تكون قياسا ، وأكثرها حكايات . فيقولون : قرقرت الحمامة قرقرة وقرقريرا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية