الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( نجو ) النون والجيم والحرف المعتل أصلان ، يدل أحدهما على كشط وكشف ، والآخر على ستر وإخفاء .

                                                          فالأول : نجوت الجلد أنجوه - والجلد نجا - إذا كشطته . وقال :


                                                          فقلت انجوا عنها نجا الجلد إنه سيرضيكما منها سنام وغاربه

                                                          ويقولون : هو في أرض نجاة : يستنجى من شجرها العصي . يقال للغصون النجا . الواحدة نجاة ، وأنجني عصا . ونجا الإنسان ينجو نجاة ، ونجاء في السرعة ; وهو معنى الذهاب والانكشاف من المكان . وناقة ناجية ونجاة : سريعة . ومن الباب وهو محمول على ما ذكرناه من النجاء : النجاة والنجوة من الأرض ، وهي التي لا يعلوها سيل . قال :

                                                          [ ص: 398 ]

                                                          فمن بنجوته كمن بعقوته     والمستكن كمن يمشي بقرواح

                                                          وإنما قلنا إنه محمول عليه لأنه كأنه لما نجا من السيل فكأنه الشيء الذي ينجو من شيء بذهاب عنه ، فهذا معنى المحمول .

                                                          وقولهم : بيني وبينهم نجاوة من الأرض ، أي سعة ، من الباب ; لأنه مكان يسرع فيه وينجى . وفي الحديث : " إذا سافرتم في الجدب فاستنجوا " ، يريد لا تبطئوا في السير ، ولكن انكشفوا ومروا .

                                                          ومن الباب النجو : السحاب ، والجمع النجاء ; وهو من انكشافه لأنه لا يثبت . قال ابن السكيت : أنجت السحابة : ولت . وقولهم : استنجى فلان ، قالوا هو من النجوة ، كأن الإنسان إذا أراد قضاء حاجته أتى نجوة من الأرض تستره ، فقيل لمن أراد ذلك استنجى ، كما قالوا : تغوط ، أي أتى غائطا .

                                                          ومن الباب نجوت فلانا : استنكهته ، كأنك أردت استكشاف حال فيه . قال :


                                                          نجوت مجالدا فوجدت فيه     كريح الكلب مات حديث عهد

                                                          [ ص: 399 ] والأصل الآخر النجو والنجوى : السر بين اثنين . وناجيته ، وتناجوا ، وانتجوا . وهو نجي فلان ، والجمع أنجية . قال :


                                                          إذا ما القوم كانوا أنجيه

                                                          يقول : نام القوم وحلموا في نومهم فكأنهم يناجون أهليهم في النوم ونجوته : ناجيته . وانتجيته : اختصصته بمناجاتي . قال :


                                                          فبت أنجو بها نفسا تكلفني     ما لا يهم به الجثامة الورع

                                                          .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية