الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( قلب ) القاف واللام والباء أصلان صحيحان : أحدهما يدل على خالص شيء وشريفه ، والآخر على رد شيء من جهة إلى جهة . فالأول القلب : قلب الإنسان وغيره ، سمي لأنه أخلص شيء فيه وأرفعه . وخالص كل شيء وأشرفه قلبه . ويقولون : عربي قلب . قال :

                                                          [ فلا ] تكثروا فيها الضجاج فإنني تخيرتها منهم زبيرية قلبا

                                                          والقلاب : داء يصيب البعير فيشتكي قلبه . والقلب من الأسورة : ما كان قلبا واحدا لا يلوى عليه غيره . وهو تشبيه بقلب النخلة . ثم شبه الحية بالقلب من الحلي فسمي قلبا . والقلب : نجم يقولون إنه قلب العقرب . [ و ] قلبت النخلة : نزعت قلبها . والأصل الآخر قلبت الثوب قلبا . والقلب : انقلاب الشفة ، وهي قلباء وصاحبها أقلب . وقلبت الشيء : كببته ، وقلبته بيدي تقليبا . ويقال : أقلبت الخبزة ، إذا حان لها أن تقلب . وقولهم : ما به قلبة ، قالوا : معناه ليست به علة يقلب لها فينظر إليه . وأنشدوا :


                                                          ولم يقلب أرضها بيطار     ولا لحبليه بها حبار

                                                          أي لم يقلب قوائمها من علة بها . والقليب : البئر قبل أن تطوى; وإنما [ ص: 18 ] سميت قليبا لأنها كالشيء يقلب من جهة إلى جهة ، وكانت أرضا فلما حفرت صار ترابها كأنه قلب . فإذا طويت فهي الطوي . ولفظ القليب مذكر . والحول القلب : الذي يقلب الأمور ويحتال لها . والقياس في جميع ما ذكرناه واحد . فأما القليب والقلوب فيقال إنه الذئب . ويمكن أن يحمل على هذا القياس فيقال سمي بذلك لتقلبه في طلب مأكله . قال :


                                                          أيا جحمتا بكي على أم عامر     أكيلة قلوب بإحدى المذانب

                                                          .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية