الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( قبل ) القاف والباء واللام أصل واحد صحيح تدل كلمه كلها على مواجهة الشيء للشيء ، ويتفرع بعد ذلك .

                                                          فالقبل من كل شيء : خلاف دبره ، وذلك أن مقدمه يقبل على الشيء . والقبيل : ما أقبلت به المرأة من غزلها حين تفتله . والدبير : ما أدبرت به . وذلك [ ص: 52 ] معنى قولهم : " ما يعرف قبيلا من دبير " . والقبلة سميت قبلة لإقبال الناس عليها في صلاتهم ، وهي مقبلة عليهم أيضا . ويقال : فعل ذلك قبلا ، أي مواجهة . وهذا من قبل فلان ، أي من عنده ، كأنه هو الذي أقبل به عليك . والقبال : زمام البعير والنعل . وقابلتها : جعلت لها قبالين ، لأن كل واحد منهما يقبل على الآخر .

                                                          وشاة مقابلة : قطعت من أذنها قطعة لم تبن وتركت معلقة من قدم . [ فإن كانت ] من أخر فهي مدابرة . والقابلة : الليلة المقبلة . والعام القابل : المقبل . ولا يقال منه فعل . والقابلة : التي تقبل الولد عند الولاد . والقبول من الرياح : الصبا ، لأنها تقابل الدبور أو البيت . وقبلت الشيء قبولا . والقبل في العين : إقبال السواد على المحجر ، ويقال بل هو إقباله على الأنف . والقبل : النشز من الأرض يستقبلك . تقول : رأيت بذلك القبل شخصا . والقبيل : الكفيل; يقال قبل به قبالة ، وذلك أنه يقبل على الشيء يضمنه . وافعل ذلك إلى عشر من ذي قبل ، أي فيما يستأنف من الزمان . ويقال : أقبلنا على الإبل ، إذا استقينا على رؤوسها وهي تشرب . [ و ] ذلك هو القبل . وفلان مقتبل الشباب : لم يبن فيه أثر كبر ولم يول شبابه . وقال :

                                                          [ ص: 53 ]

                                                          ليس بعل كبير لا شباب به لكن أثيلة صافي اللون مقتبل

                                                          والقابل : الذي يقبل دلو السانية . قال :


                                                          وقابل يتغنى كلما قبضت     على العراقي يداه قائما دفقا

                                                          قال ابن دريد : القبلة : [ خرزة شبيهة بالفلكة تعلق في أعناق الخيل ] ، ويقال القبلة : شيء تتخذه الساحرة تقبل بوجه الإنسان على الآخر . وقبائل الرأس : شعبه التي تصل بينها الشؤون; وسميت ذلك لإقبال كل واحدة منها على الأخرى; وبذلك سميت قبائل العرب . وقبيل القوم : عريفهم . وسمي بذلك لأنه يقبل عليهم يتعرف أمورهم . قال :


                                                          أوكلما وردت عكاظ قبيلة     بعثوا إلي قبيلهم يتوسم

                                                          ونحن في قبالة فلان ، أي عرافته ، وما لفلان قبلة ، أي جهة يتوجه إليها ويقبل عليها . ويقولون : القبيل : جماعة من قبائل شتى ، والقبيلة : بنو أب واحد . وهذا عندنا قد قيل ، وقد يقال لبني أب واحد قبيل . قال لبيد :

                                                          [ ص: 54 ] وقبيل من عقيل صادق فأما قولهم : لا قبل لي به ، أي لا طاقة ، فهو من الباب ، أي ليس هو كما يمكنني الإقبال . فأما قبل الذي هو خلاف بعد ، فيمكن أن يكون شاذا عن الأصل الذي ذكرناه ، وقد يتمحل له بأن يقال هو مقبل على الزمان . وهو عندنا إلى الشذوذ أقرب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية