الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( قرب ) القاف والراء والباء أصل صحيح يدل على خلاف البعد . يقال قرب يقرب قربا . وفلان ذو قرابتي ، وهو من يقرب منك رحما . وفلان قريبي ، وذو قرابتي . والقربة والقربى : القرابة . والقراب : مقاربة الأمر . وتقول : ما قربت هذا الأمر ولا أقربه ، إذا لم تشامه ولم تلتبس به . ومن الباب القرب ، وهي ليلة ورود الإبل الماء; وذلك أن القوم يسيمون الإبل وهم في ذلك

                                                          [ ص: 81 ] يسيرون نحو الماء ، فإذا بقي بينهم وبين الماء عشية عجلوا نحوه ، فتلك الليلة ليلة القرب . والقارب : الطالب الماء ليلا . قال الخليل : ولا يقال ذلك لطالبه نهارا .

                                                          وقد صرفوا الفعل من القرب فقالوا : قربت الماء أقربه قربا . وذلك على مثال طلبت أطلب طلبا ، وحلبت أحلب حلبا . ويقولون : إن القارب : سفينة صغيرة تكون مع أصحاب السفن البحرية ، تستخف لحوائجهم; وكأنها سميت بذلك لقربها منهم . والقربان : ما قرب إلى الله تعالى من نسيكة أو غيرها .

                                                          ومن الباب : قربان الملك وقرابينه : وزراؤه وجلساؤه . وفرس مقربة ، وهي التي ترتاد وتقرب ولا تترك أن ترود . قال ابن دريد : إنما يفعل ذلك بالإناث لئلا يقرعها فحل لئيم .

                                                          ويقال : قرب الفرس تقريبا ، وهو دون الحضر ، وقيل تقريب لأنه إذا أحضر كان أبعد لمداه . وله فيما يقال تقريبان : أدنى وأعلى . ويقال : أقربت الشاة ، دنا نتاجها . قال ابن السكيت : ثوب مقارب ، إذا لم يكن جيدا . وهذا على معنى أنه مقارب في ثمنه غير بعيد ولا غال . وحكى غيره : ثوب مقارب : غير جيد ، وثوب مقارب : رخيص ، والقياس في كله واحد . وأما الخاصرة فهي القرب ، سميت لقربها من الجنب . وقال قوم : سميت تشبيها لها بالقربة . قالوا : وهذا قياس آخر ، إنما هو من أن يضم الشيء ويحويه . قالوا : ومنه القراب : قراب السيف ، والجمع قرب . قال الشاعر :

                                                          [ ص: 82 ]

                                                          يا ربة البيت قومي غير صاغرة ضمي إليك رحال القوم والقربا

                                                          وقال الشاعر في القرب ، وهي الخاصرة :


                                                          وكنت إذا ما قرب الزاد مولعا     بكل كميت جلدة لم توسف


                                                          مداخلة الأقراب غير ضئيلة     كميت كأنها مزادة مخلف

                                                          .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية