الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 7891 / 1 ] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى أكرينا الحديث، ثم رجعنا إلى أهالينا، فلما أصبحنا غدونا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عرض علي الأنبياء بأممها وأتباعها من أممها، فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة، والنبي يمر ومعه العصابة من أمته، والنبي يمر معه النفر من أمته، والنبي يمر معه الرجل من أمته، والنبي ما معه أحد من أمته، حتى مر علي موسى بن عمران في كبكبة من [ ص: 249 ] بني إسرائيل، فلما رأيتهم أعجبوني، فقلت: يا رب من هذا؟ فقال: هذا أخوك موسى بن عمران ومن تبعه من بني إسرائيل. فقلت: يا رب، فأين أمتي؟ قيل: انظر عن يمينك. فنظرت فإذا الظراب - ظراب مكة - قد سدت بوجوه الرجال، قلت: من هؤلاء؟ قيل: هؤلاء أمتك، هل رضيت؟ قلت: نعم قد رضيت. قيل: انظر عن يسارك. فنظرت فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال، فقلت: يا رب من هؤلاء؟ قيل: هؤلاء أمتك، هل رضيت؟ قلت: نعم يا رب رضيت. قيل: فإن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب. فأنشأ عكاشة بن محصن أخو بني أسد فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم. فقال: اللهم اجعله منهم فأنشأ رجل آخر فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: سبقك بها عكاشة بن محصن. قال: وذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فداكم أبي وأمي إن استطعتم أن تكونوا من السبعين فكونوا، فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الظراب، فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الأفق، فإني قد رأيت ثم ناسا يتهاوشون كثيرا. قال: وذكر لنا أن رجلا من المؤمنين - أو ناسا من المؤمنين - تراجعوا بينهم فقالوا: ما ترون هؤلاء السبعين حتى صيروا من أمورهم أن قالوا: هم أناس ولدوا في الإسلام؟! فلم يزالوا يعملون به حتى ماتوا عليه فبلغ حديثهم نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: ليس ذاكم، ولكنهم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني لأرجو أن من تبعني من أمتي ربع أهل الجنة. فكبرنا فقال: إني لأرجو أن يكونوا الشطر. قال: فكبروا، فقام وتلا هذه الآية: ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) ".

                                                                                                                                                                    رواه أبو داود الطيالسي واللفظ له، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن حنبل ، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وصححه. [ ص: 250 ]

                                                                                                                                                                    [ 7891 / 2 ] وفي رواية لأبي داود الطيالسي صحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أريت الأمم بالموسم فرأيت أمتي قد ملؤوا السهل والجبل، وأعجبني كثرتهم وهيئتهم، فقيل لي: أرضيت؟ فقلت: نعم. قال: ومع هؤلاء سبعون ألفا يدخلون الجنة بلا حساب، لا يكتوون، ولا يتطيرون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون. فقام عكاشة بن محصن الأسدي فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اجعله منهم. فقام آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبقك بها عكاشة ".

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية