ذكر الطلاق المشكل الذي لا يعلم له وجوب ولا بطول
اختلف أهل العلم في الرجلين يحلفان على الشيء يختلفان فيه كاختلافهما في الطير، يقول أحدهما: هذا غراب ويحلف عليه بالطلاق، ويقول الآخر: بل هو حمام ويحلف عليه بالطلاق.
فقالت طائفة: يدينان.
كذلك قال عطاء، والشعبي، والحارث العكلي، والزهري، والثوري، وهو يشبه مذهب الشافعي وأبي ثور.
وقال مالك في الرجل يقول: امرأته طالق إن كان فعل كذا وكذا، ويقول الآخر: امرأته طالق إن لم يكن فعله، قال: يدينان ذلك جميعا، ولا يحسبان. [ ص: 267 ]
وفيه قول ثان: وهو أن يحمل الطلاق عليهما جميعا.
هذا قول مكحول.
وسئل الشعبي عن رجل قال لآخر: إنك لحسود، قال: أحسدنا امرأته طالق ثلاثا، فقال الآخر: نعم.
فقال الشعبي : خبتما جميعا وخسرتما، وبانت منكما امرأتكما.
وحكى أبو عبيد عن أهل العراق قولين:
أحدهما: أن يدينا.
والآخر: كالقول الثاني الذي ذكرناه.
وبهذا القول قال أبو عبيد.
وقال قتادة في رجل له حق على رجل، فقال المطلوب: قد قضيتك وإلا فامرأته طالق، وقال الطالب: امرأته طالق إن كنت قضيتني.
قال: على المطلوب البينة أنه قد قضى له، فإن أقام البينة طلقت امرأة الطالب، وإن لم يأت حلف الطالب بالله ما قضاني، ثم طلقت امرأة المطلوب.
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول.
ولا يجوز أن يدفع شك الحنث يقين النكاح.
وكان الشافعي يقول: إذا شك بالطلاق لم ألزمه بالشك في الحكم، والورع له أن يطلقها.
وكان أحمد بن حنبل وإسحاق يقولان: إذا حلف بطلاق امرأته لا يدري واحدة أم ثلاثا، أما الواحدة فقد وجبت عليه، وهي عنده حتى يستيقن.
قال أبو بكر: هذا كما قال الشافعي . [ ص: 268 ]
ومن حديث إسحاق بن راهويه، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن ربيعة في رجل طلق فشك في واحدة أو ثلاث، قال: يرجع إلى يقينه ويلغي الشك.
قال: وقال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز: أفرق بالشك ولا أجمع بالشك.


