الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر مبلغ الفدية

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في مبلغ ما يجوز أن تفتدي به المرأة من زوجها .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: لها أن تفتدي منه بما تراضيا عليه كان أقل مما أعطاها أو أكثر. هذا قول عكرمة مولى ابن عباس، وإبراهيم النخعي، ومجاهد، وقبيصة بن ذؤيب. وبه قال مالك، والشافعي، وأبو ثور، والنعمان، وروي معنى هذا القول عن عثمان، وابن عمر رضي الله عنهما. واحتج قبيصة بقوله: ( فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) . [ ص: 320 ]

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: لا يأخذ منها أكثر مما أعطاها .

                                                                                                                                                                              كذلك قال طاوس، وعطاء، والزهري، وعمرو بن شعيب .

                                                                                                                                                                              وكره ذلك سعيد بن المسيب، والشعبي، والحسن البصري، والحكم، وحماد. وهكذا قال أحمد وإسحاق، وأبو عبيد .

                                                                                                                                                                              وقال ميمون بن مهران: من خلع امرأته فأخذ منها أكثر مما أعطاها، فلم يسرح بإحسان .

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي : كانت القضاة لا تجيز في الخلع أن يأخذ إلا ما ساق إليها .

                                                                                                                                                                              وقد روي عن سعيد بن المسيب قول ثالث: ما أرى أن يأخذ منها كل مالها، ولكن ليدع لها شيئا .

                                                                                                                                                                              وقد روي عن بكر بن عبد الله أنه سئل عن رجل تريد امرأته الخلع قال: لا يحل له أن يأخذ منها شيئا، قلت: يقول الله عز وجل في كتابه: ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) قال: إن هذه نسخت، قلت: وأين جعلت؟ قال: جعلت في سورة النساء، قوله: ( وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا ) حتى بلغ: ( ميثاقا غليظا ) . [ ص: 321 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ظاهر الآية التي احتج بها قبيصة بن ذؤيب يطلق الخلع على ما تراضيا عليه من قليل وكثير، كان ذلك أكثر مما أعطى أو أقل .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية