الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              [جماع أبواب] المشيئة في الطلاق

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق إن شئت.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: إن شاءت الطلاق ما داما في المجلس طلقت، هكذا قال الحسن البصري، وعطاء.

                                                                                                                                                                              وبه قال سفيان الثوري، وأبو ثور .

                                                                                                                                                                              وقال قتادة والزهري : إذا قالت: قد شئت، فهي طالق، ولم يذكر المجلس.

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي كما قال عطاء، غير أنهم قالوا: ولو قام الزوج وترك المرأة في ذلك المجلس كان لها أن تقبل الطلاق ما لم تقم، وتقول فيه ما شاءت ولم تفارق المجلس إلا أن تأخذ في عمل يعرف أنه قطع لذلك، وكذلك إن قال: إن أحببت فأنت طالق، أو إن هويت، أو إن رضيت، أو إن أردت، فهو مثل ذلك عند أصحاب الرأي، وقال به أصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور كذلك في قوله: إن هويت، أو رضيت، أو أردت، كما قال في قوله: إن شئت فأنت طالق. [ ص: 294 ]

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق إن شئت، أو متى شئت، أو إذا ما شئت، أو كما شئت.

                                                                                                                                                                              وكان سفيان الثوري يقول: إذا قال: أنت طالق متى شئت وإذا شئت، فهي طالق متى شاءت وإذا شاءت تطليقة، ليس لها فوق ذلك.

                                                                                                                                                                              وإذا قال: أنت طالق كلما شئت فهي كلما شاءت طالق حتى تبين بثلاث.

                                                                                                                                                                              وقال أحمد بن حنبل في: إذا شئت، كما قال الثوري ما لم يغشها، فإذا غشيها فلا أمر لها.

                                                                                                                                                                              وكذلك قال إسحاق إلا الغشيان، وكان أبو ثور يقول: وإذا قال لها: أنت طالق إذا شئت، أو متى، وإذا ما شئت، أو كلما شئت، فإن ذلك على الأبد كلما شاءت وقع الطلاق، فإن شاءت مرة واحدة فوقعت تطليقة، ثم تركها حتى انقضت عدتها، ثم تزوجها بعد لم يكن لها بعد ذلك مشيئة، وذلك أن حكم ذلك النكاح قد سقط فلا يعود شيء من أحكامه على أحكام النكاح الثاني.

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: إذا قال لها: إذا شئت فأنت طالق، أو قال: متى شئت فأنت طالق، فقامت من ذلك المجلس كان لها بعد ذلك إن شاءت، وليس ذلك مثل قوله: إن شئت، إنما ذلك على المجلس، وإذا شئت ومتى شئت، وإذا ما شئت، ومتى ما شئت: لها المشيئة في ذلك كله أبدا مرة واحدة في ذلك المجلس، وغير ذلك المجلس.

                                                                                                                                                                              وإذا قال: أنت طالق كلما شئت، كان لها أبدا كلما شاءت حتى يقع عليها منه [ ص: 295 ] ثلاث تطليقات، ولو شاءت مرة واحدة لصارت طالقا بواحدة، ثم انقضت عدتها، ثم خطبها فتزوجها، كانت لها المشيئة أيضا.

                                                                                                                                                                              وقال حماد بن أبي سليمان في قوله: أنت طالق متى شئت أو إذا شئت: فإذا شاءت فهي مرة واحدة، وإذا قال لها: أنت طالق كلما شئت فهي طالق كلما شاءت حتى تبين.

                                                                                                                                                                              وقال الحكم في قوله: أنت طالق كلما شئت: كلما شاءت فهي طالق.

                                                                                                                                                                              وقال حماد: في ذلك المجلس ما نوى.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية