الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر المطلقة ثلاثا تدعي الحمل هل لها نفقة؟

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في المرأة تدعي الحمل، وهي مطلقة ثلاثا .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: ينفق عليها حتى تضع حملها إذا ظهر الحمل. وروي هذا القول عن عمر بن عبد العزيز .

                                                                                                                                                                              وبه قال الزهري، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، وابن أبي ليلى، والأوزاعي .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : فيها قولان: أحدهما: أن يحصي من يوم طلقها، كم نفقة مثلها كل شهر من تلك الشهور، فإذا ولدت قضي لها بذلك كله، لأن الحمل لا يعلم بيقين حتى تلد .

                                                                                                                                                                              والقول الثاني: أن يحصي من يوم طلقها الزوج وتراها النساء، فإن قلن بها حمل أنفق عليها حتى تضع حملها . [ ص: 522 ]

                                                                                                                                                                              وكان مالك يقول: تنفق من مالها، وتحسب ذلك على زوجها حتى يبين حملها، فنأخذ ذلك منه، وينفق عليها فيما يستقبل حتى تضع حملها .

                                                                                                                                                                              فإذا انكشف أمرها على غير حمل، غرمت ما أنفقت .

                                                                                                                                                                              وحكى أبو عبيد عن أهل العراق أنهم قالوا: إذا ادعت الحمل كانت عليه النفقة لها سنتين فإذا مضت ولم يكن هنالك ولاد ثم ادعت أنها لم تحض في هاتين السنتين، بطل حينئذ حكم الحبل وصارت عدتها الأقراء .

                                                                                                                                                                              وقيل له: أنفق عليها أبدا حتى تحيض ثلاث حيض، أو تبلغ من السن ما تبين فيه من الحيض، فينفق عليها حينئذ ثلاثة أشهر، ولا يكون له يرجع عليها في شيء من النفقة .

                                                                                                                                                                              قال أبو عبيد: ووقت الإياس من المحيض في قول بعضهم خمسون سنة كالذي يروى عن عائشة أنها قالت: ما رأت امرأة من بطنها ولدا بعد خمسين سنة .

                                                                                                                                                                              وحكى سفيان الثوري عن ابن أبي ليلى : أنه كان يرسل إليها نساء ينظرن إليها إذا ادعت حملا فإن عرفن ذلك وصدقنها أعطاها النفقة وأخذ منهن كفيلا .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل ينفق على المرأة المطلقة يحسبها حاملا ثم لم تكن كذلك. فقالت طائفة: لا رجوع له عليها. كذلك قال الزهري، ويحيى الأنصاري، قالا: لأنها حبست نفسها. قال أحدهما: عليه .

                                                                                                                                                                              وقال الآخر: عن النكاح . [ ص: 523 ]

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن النفقة دين عليها. هذا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك بن أنس، وأبي عبيد. وكذلك نقول، لأن ذلك إنما أعطيت على أنها مستحقة، فإذا علم غير ذلك: ردت ما أخذت إذ هي غير مستحقة .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية