الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر التفريق بين المتلاعنين

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال للمتلاعن: "لا سبيل لك عليها" وثبت أنه فرق بين المتلاعنين وتفسير قوله: "فرق بين المتلاعنين" بين في حديث ابن عمر قوله: "لا سبيل لك عليها" وقد ذكرنا أسانيدها في أول كتاب اللعان .

                                                                                                                                                                              وجاءت الأخبار عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المتلاعنين لا يجتمعان أبدا، روي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وبه قال علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود .

                                                                                                                                                                              7773 - حدثنا علي بن الحسن، حدثنا عبد الله، عن سفيان قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، أن عمر بن الخطاب قال: المتلاعنين يفرق بينهما، قال: ولا يجتمعان أبدا .

                                                                                                                                                                              7774 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن قيس بن الربيع، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن علي قال: لا يجتمع المتلاعنان أبدا . [ ص: 490 ]

                                                                                                                                                                              7775 - وحدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن قيس بن الربيع، عن عاصم بن أبي النجود، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود قال: لا يجتمع المتلاعنان أبدا .

                                                                                                                                                                              وهو قول النخعي، والحسن، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، و [الحكم] [وبه] قال مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو عبيد، وأبو ثور، وكذلك قال الأوزاعي، ويعقوب .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وفي قوله: "لا سبيل لك عليها" دليل على أنها لا تحل له بوجه من الوجوه، إذ لو كان له عليها سبيل بوجه من الوجوه لاستثنى ذلك عند قوله: لا سبيل لك عليها فقال: لا سبيل لك عليها إلا أن تكذب نفسك، فلما أطلق القول لم يكن لأحد أن يستثني عليه صلى الله عليه وسلم، ومخالفة الأخبار غير جائز، فكذلك لا يجوز أن يستثنى بالرأي من الخبر .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: إذا أكذب نفسه جلد الحد، وكان خاطبا من الخطاب . [ ص: 491 ]

                                                                                                                                                                              هذا قول سعيد بن المسيب، والنعمان، وقال: إذا أكذب نفسه كانت تطليقة بائنة، ويجلد الحد. وهو قول محمد بن الحسن .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث وهو: أنه إذا أكذب نفسه جلد الحد، وترد إليه امرأته ما دامت في العدة. حكي هذا القول عن سعيد بن جبير، وكان عبيد الله بن الحسن يرى التفريق بين المتلاعنين تطليقة بائنة، ويرى أن له أن يتزوجها. قيل: فإنهما تلاعنا ثم ذهبا (قبل) تفريق الوالي بينهما فرأى ذلك فرقة بينهما. وقال: إن التي تلاعن زوجها ثم يتزوجها أنها تكون عنده على ثنتين .

                                                                                                                                                                              وقال بعضهم: إذا أكذب نفسه بعد اللعان لم يحد. كذلك قال عطاء، وقال: قد تفرقا، قد باء بلعنة من الله. وحكي عن الشعبي أنه قال: إذا أكذب نفسه الملاعن لم يجتمع عليه حدان .

                                                                                                                                                                              وقال الحارث العكلي: ليس عليه حد، قد مضى الحد .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية