الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الخبر الدال على أن المتظاهر من زوجته مرة واحدة يكون متظاهرا، وإن لم يعد بتظاهر ثان .

                                                                                                                                                                              7738 - حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو عبيد، حدثنا يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر الأنصاري، قال: كنت امرءا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري فلما دخل رمضان تظهرت [ ص: 392 ] من امرأتي مخافة إن أصبت منها في ليل فلا أقدر أن أنزع حتى يدركني الصبح، فبينما هي ذات ليلة تحدثني إذ تكشف لي منها شيء فوثبت عليها، فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري وقلت: انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فليخبرني، فقالوا: لا، والله لا نفعل، نخشى أن ينزل فينا قرآنا أو يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا مقالة يبقى علينا عارها، ولكن اصنع أنت ما بدا لك، قال: فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبري فقال: "أنت بذلك"، قلت: أنا بذاك قال: "أنت بذلك". قلت أنا بذاك. قال: "أنت بذاك". قلت أنا بذاك. وهأنذا فامض في حكم الله فإني صابر محتسب، فقال: "أعتق رقبة" فضربت صفحة عنقي وقلت: والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها، قال: "فصم شهرين متتابعين"، فقلت: يا رسول الله ما أصابني الذي أصابني إلا في الصوم، قال: "أطعم ستين مسكينا"، قلت: والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشا ما لنا عيشا، فقال: "انطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فمره فليدفعها إليك فأطعم عنك وسقا ستين مسكينا واستعن بسائرها على عيالك"، قال: فأتيت قومي فقلت: وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة، أمر لي بصدقتكم فادفعوها إلي، قال: فدفعوها إليه . [ ص: 393 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: احتج لهذا الخبر بعض أصحابنا وقال: ألا تراه قد أوجب عليه كفارة الظهار بأن تظاهر منها مرة، وليس في هذا الخبر ولا في شيء من الأخبار أنه تظاهر منها مرتين فدل ذلك على إبطال قول من قال: لا يكون متظاهرا حتى يعود فيتظاهر مرة ثانيا، وقد احتج بهذا الخبر من قال إن للإمام أن يأمر بضم الصدقات على صنف واحد، لأنه قال: أطعم وسقا ستين مسكينا واستعن بسائرها على عيالك، وفي الآية دليل وهو قوله: ( الذين يظاهرون منكم من نسائهم ) دلالة على أن الظهار يكون من كل زوجة حرة وأمة، ذمية ومسلمة، صغيرة وكبيرة، لأن الله - جل وعز - عم النساء ولم يخص امرأة دون امرأة .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية