الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسائل من باب صيام الكفارة

                                                                                                                                                                              قال الشافعي : لو كان عليه ظهاران فصام شهرين عن أحدهما ولا ينوي عن أيهما، كان له أن يجعله عن أيهما شاء ويجزيه، وكذلك قال أصحاب الرأي . [ ص: 424 ]

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : يقرع بين اللتين ظاهر منهما، فأيتهما أصابتها القرعة حل له وطأها وأمسك عن الأخرى حتى يكفر كفارة أخرى. وإن كانت عليه ثلاث كفارات فأعتق مملوكا له ليس له مال غيره، وصام شهرين ثم مرض فأطعم ستين مسكينا ينوي بجميع هذا كفارات الظهار أجزأه وإن لم ينو واحدة منهن بعينها كان مجزءا عنه لأن نيته لكل واحدة منهن أداؤها عن كفارة لزمته. هكذا قال الشافعي .

                                                                                                                                                                              وبه قال أصحاب الرأي، غير أنهم قالوا: هذا استحسان وليس بقياس .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور يقرع بينهن فأيتهن أصابتها القرعة كان [الإعتاق] عنها، وكان له أن يطأها ثم يقرع بين الثنتين الباقيتين، فأيتهما أصابتها القرعة كان الشهران من [الصيام] عنها، ويكون الإطعام عن الباقية، وذلك فيمن ظاهر من أربع نسوة .

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول: إذا ظاهر من امرأته ثم بانت منه لم يكفر فإن هذا ليس عليه وذلك أن النكاح إذا سقط سقطت أحكامه كلها، فإن تزوجها كان له أن يطأها ولا كفارة عليه .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: يجزئ عنه إذا كفر بعدما بانت منه . [ ص: 425 ]

                                                                                                                                                                              وفي قول الشافعي : إذا أمسكها بعد الظهار فوجبت عليه الكفارة أجزأه متى كفر والزوجة عنده أو قد فارقها، لأن ذلك دين عليه يجب أداء ذلك في حياته وبعد وفاته .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وإذا صام المظاهر ثم أفطر في يوم (متغيم) وهو يظن أن الليل قد دخل عليه ثم تبين الشمس .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: يبدله بيوم يصله بالشهرين، ولا يأتنف شهرين آخرين .

                                                                                                                                                                              هكذا قال عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وبه قال مالك بن أنس، وأبو عبيد، وقد حكى أبو عبيد عن أصحاب الرأي أنهم قالوا: عليه أن يستأنف غير أنهم قالوا في الناسي: لا شيء عليه، وقال الشافعي في الآكل ناسيا في الصوم: لا قضاء عليه. وكذلك قال أبو ثور، وبه قال سفيان الثوري، والأوزاعي، وابن أبي ذئب، وأحمد بن حنبل .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية