الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              نكاح العبيد والإماء بغير إذن ساداتهم:

                                                                                                                                                                              أجمع أهل العلم على أن نكاح العبد جائز بإذن سيده وكذلك الأمة، وأجمعوا كذلك أن نكاح العبد والأمة بغير إذن سيدهما باطل، وجاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر".

                                                                                                                                                                              7472 - حدثنا إسحاق، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أيما عبد نكح بغير إذن سيده فهو عاهر". [ ص: 8 ]

                                                                                                                                                                              واختلفوا في العبد ينكح بغير إذن سيده، فقالت طائفة: عليه الحد، ثبت عن عبد الله بن عمر أنه حد عبدا له فعل ذلك.

                                                                                                                                                                              7473 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، أن ابن عمر أخذ عبدا له نكح بغير [إذنه] ففرق بينهما، وأبطل صداقها، وضربه حدا.

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : عليه الحد.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: لا حد عليه، روي ذلك عن النخعي، والشعبي، وبه قال أحمد، وإسحاق . وأنا ذاكر هذا الكتاب في كتاب الحدود؛ إذ هو أولى به إن شاء الله.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في العبد ينكح بغير إذن سيده، فقالت طائفة: يفرق بينهما، روي هذا القول عن عثمان بن عفان، وأبي موسى الأشعري .

                                                                                                                                                                              7474 - حدثنا موسى، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو : أن عبدا لأبي موسى الأشعري تزوج بغير إذن منه، فرفع إلى عثمان، ففرق بينهما، وأعطاها الخمسين، ورد إليه ثلاثة أخماس. [ ص: 9 ]

                                                                                                                                                                              7475 - حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، عن قتادة، ويزيد الرشك، أن عبدا لأبي موسى الأشعري تزوج امرأة بغير إذنه، وأمهرها خمس ذود، قال: ففرق أبو موسى بينه وبين امرأته، وأعطاها بعيرين، وأخذ ثلاثة ذود.

                                                                                                                                                                              قال أحدهما: كان عثمان أمره بذلك.

                                                                                                                                                                              وبهذا قال الحكم، وحماد .

                                                                                                                                                                              وقال عطاء : لا يجوز نكاحه.

                                                                                                                                                                              وقال حماد : يستأنف النكاح، وهذا قول الأوزاعي، والشافعي .

                                                                                                                                                                              وبه قال أبو ثور، وأحمد، وإسحاق .

                                                                                                                                                                              وقال الثوري : أحب إلي أن يستأنف النكاح.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: إن جاز للمولى النكاح جاز.

                                                                                                                                                                              كذلك قال الحسن البصري، والنخعي، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن المسيب، وشريح، والشعبي، وروي ذلك عن ابن عمر . [ ص: 10 ]

                                                                                                                                                                              7476 - حدثنا محمد بن علي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، أخبرنا ابن أبي ليلى، وحجاج، عن نافع، عن ابن عمر، وحجاج، عن إبراهيم، عن شريح ومغيرة، عن إبراهيم ويونس، عن الحسن وحصين وإسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي أنهم قالوا: إذا تزوج بأمر مولاه فالطلاق بيده، وإذا تزوج بغير أمره، فالأمر إلى المولى، إن شاء جمع، وإن شاء فرق.

                                                                                                                                                                              وبه قال مالك، وأصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: إذا نكح العبد بغير إذن سيده فهو باطل، ولا يجوز الباطل بإجازة السيد، إلا بابتداء نكاح.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في السيد يأذن لعبده في النكاح، فيتزوج ثنتين في عقدة.

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول: جائز.

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: لا تجوز واحدة منهما، ولا يقع الإذن إلا على واحدة. والله أعلم.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية