الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر وجوب نفقة الولد

                                                                                                                                                                              7526 - أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا أنس بن عياض، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أنها حدثته أن هندا أم معاوية جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وإنه لا يعطيني وولدي ما يكفيني إلا ما أخذت منه سرا وهو لا يعلم، فهل علي في ذلك من شيء؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". [ ص: 79 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: فأوجب كل من نحفظ عنه من أهل العلم على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا أموال لهم.

                                                                                                                                                                              ثم اختلفوا في نفقة من بلغ منهم ولا مال له ولا كسب يستغني به.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: على الأب أن ينفق على ولده ولد الصلب وأبناء الذكور حتى يحتلموا، فإذا احتلموا لم تلزمه نفقتهم، والنساء حتى يزوجن ويدخل بهن أزواجهن، فإذا دخل بها زوجها فلا نفقة لها، وإن طلقها بعد البناء أو مات عنها فلا نفقة لها على أبيها، فإن طلقها قبل البناء فهي على نفقتها، ولا نفقة لولد الولد على جدهم.

                                                                                                                                                                              هذا كله قول مالك بن أنس .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: وينفق على ولده حتى يبلغوا المحيض والحلم، ثم لا نفقة لهم عليه إلا أن يتطوع، إلا أن يكونوا زمنى فينفق عليهم، وسواء في ذلك الذكر والأنثى، ما لم يكن لهم أموال، وسواء في ذلك ولده وولد ولده وإن سفلوا، ما لم يكن أب دونه يقدر على أن ينفق عليهم.

                                                                                                                                                                              وإذا زمن الأب أو الأم ولم يكن لهما مال، أنفق عليهما الولد، والأجداد وإن بعدوا إذا لم يكن لهم أب دونه يقدر على أن ينفق عليهم، أنفق عليهم ولد الولد.

                                                                                                                                                                              هذا قول الشافعي . [ ص: 80 ]

                                                                                                                                                                              وحكي عن عبيد الله بن الحسن أنه قال: تجب نفقة الأولاد ذكورا كانوا أو إناثا على الآباء إذا كانوا مياسر حتى يبلغوا، فإذا بلغوا فلا نفقة عليهم، ولا نفقة على معسر.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: يفرض عليه نفقة ولده الصغار والنساء والرجال الزمنى، فأما الذين لا زمانة بهم من الرجال، فإنه لا يفرض له نفقة، ومن كان منهم رجل به زمانة أو امرأته دفعت نفقته إليه. هذا قول أصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              وحكي عن سفيان الثوري أنه قال: يجبر الرجل على نفقة ولده الصغار، غلاما كان أو جارية، فإن كانوا كبارا أجبر على نفقة النساء ولا يجبر على نفقة الرجال إلا أن يكونوا زمنى.

                                                                                                                                                                              وأوجبت طائفة النفقة لجميع الأولاد الأطفال والبالغين من الرجال والنساء إذا لم يكن لهم أموال يستغنون بها عن نفقة الوالد على ظاهر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهند "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" لم يستثن ولدا بالغا دون طفل، فإن أجمع أهل العلم على إسقاط النفقة عن أهل اليسار منهم سقط بذلك نفقتهم، وكل مختلف فيه من ذلك فنفقته ثابتة، داخل ذلك في جملة [قول] رسول الله صلى الله عليه وسلم. [ ص: 81 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية