الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الظهار إلى أجل معلوم

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يظاهر من زوجته شهرا أو يوما أو ما أشبه ذلك .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: إذا بر المظاهر لم يكفر. كذلك قال عطاء وقتادة .

                                                                                                                                                                              وقال حماد بن أبي سليمان : إن قال: أنت علي كظهر أمي إن قربتك الليلة قال: ليس عليه ظهار، وقال سفيان الثوري : إذا ظاهر فسمى يوما أو شهرا فمضى ذلك الوقت فلا ظهار عليه ولا كفارة .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : إذا ظاهر من امرأته يوما فإن أراد أن يقربها في ذلك اليوم كفر كفارة الظهار وإن لم يقربها فيه فلا كفارة للظهار عليه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: هذا القول لا يشبه مذاهب الشافعي، لأن من قوله المعروف عنه - وقد ذكرته قبل - : إذا أتت على المظاهر مدة بعد القول بالظهار لم يحرمها بالطلاق الذي يحرم به أو بغير الطلاق مما يحرم فقد [ ص: 395 ] وجب عليه الكفارة، وممن قال: إذا بر المظاهر لم يكفر: أحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن المظاهر يكفر وإن بر. هذا قول طاوس، وابن أبي ليلى، والزهري .

                                                                                                                                                                              وحكي عن مالك، والليث بن سعد أنهما قالا: إذا قال: امرأتي علي كظهر أمي إلى الليل أن عليه الكفارة وإن لم يطأها ذلك اليوم .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: قاله أبو عبيد وزعم أنه مذهب يجمع القولين جميعا وهو إلى الخروج منهما وإحداث قول ثالث أقرب منه إلى أن يكون قائلا بهما، قال أبو عبيد: إن كان هذا المظاهر أجمع على غشيان امرأته قبل انقضاء الوقت لزمته الكفارة من ساعته، فإن لم يكن كذلك ولكنه كان مجمعا على ترك مسيسها حتى مضى الوقت كله فلا موضع للكفارة هاهنا .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول: إذا قال: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي فدخلت الدار كان مظاهرا حين دخلت، وهكذا قال أبو ثور إذا قال: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي فدخل الدار وهو ذاكر لقوله كان مظاهرا. وكذلك قال أصحاب الرأي، غير أنهم لم يذكروا: وهو ذاكر لقوله . [ ص: 396 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية