الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الطلاق بعد الخلع في العدة

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يخالع زوجته ثم يطلقها قبل أن تنقضي عدتها .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: يلحقها الطلاق ما دامت في العدة .

                                                                                                                                                                              كذلك قال سعيد بن المسيب، والنخعي، وشريح، وطاوس، والزهري، والحكم، وحماد، وروي ذلك عن ابن مسعود، وأبي الدرداء، [ ص: 325 ] وليس بثابت عن واحد منهما، وبه قال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي، ثم ترك أصحاب الرأي قولهم، فقالوا: لو قال لها. بعد الخلع: اعتدي، لم يلزمه شيء، وكذلك لو قال: كل امرأة لي طالق، كان غير جائز. ولو قال لها: قد خلعتك يا بائنة ينوي بذلك الطلاق لم يقع عليها شيء، لأنها قد بانت قبل ذلك بالخلع .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وكل هذا داخل عليهم .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان وهو: أن الطلاق لا يلزمها وإن كانت في العدة. كذلك قال ابن عباس، وابن الزبير، وبه قال عكرمة، والحسن، وجابر بن [ ص: 326 ] زيد، وروي ذلك عن طاوس، والشعبي، والقاسم، وسالم، وميمون بن مهران، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث.

                                                                                                                                                                              7730 - روي عن أبي سلمة والحسن قالا: إن طلقها حين تفتدي منه فأتبعها في مجلسه ذلك لزمها الطلاق مع الفداء، وإن طلقها بعدما يفترقان لم يلزمها .

                                                                                                                                                                              وقال مالك: إذا افتدت المرأة من زوجها بشيء على أن يطلقها ثم طلقها طلاقا متتابعا (نسقا) فذلك ثابت عليه، وإن كان بين ذلك صمت فليس بشيء .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: أما حديث أبي الدرداء وابن مسعود فليس بشيء يصح من جهة النقل، وليس في الباب أعلى من حديث ابن عباس، وابن الزبير، وبه نقول، وذلك أن أهل العلم لا أعلمهم يختلفون أن معنى المختلعة من زوجها كمعنى الأجنبية في جميع ما زال عنها من أحكام الزواج من الإيلاء والظهار واللعان والميراث، فإذا أجمعوا على ذلك واختلفوا في الطلاق وجب أن يكون حكم الطلاق حكم ما أجمعوا عليه من سائر ما كان بينهما من الأحكام، ولا نعلم [مع] من أوجب الطلاق حجة . [ ص: 327 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية