الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر المطلقة دون الثلاث تنكح زوجا ثم تعود إلى المطلق

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الحر إذا طلق زوجته الحرة ثلاثا، ثم انقضت عدتها، ونكحت زوجا ودخل بها، ثم فارقها وانقضت عدتها، ثم نكحها الأول، أنها تكون عنده على ثلاث تطليقات.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يطلق زوجته تطليقة أو تطليقتين ثم تزوج غيره ثم ترجع إلى زوجها الأول.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: تكون على ما بقي من طلاقها.

                                                                                                                                                                              كذلك قال عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعمران بن حصين، وأبو هريرة .

                                                                                                                                                                              وروي ذلك عن زيد بن أسلم، ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبيدة السلماني، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري، وبه قال مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى . [ ص: 283 ]

                                                                                                                                                                              وحكي ذلك عن الأوزاعي، وربيعة، وابن أبي ذئب، وعبيد الله بن الحسن.

                                                                                                                                                                              وهكذا قال الشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبو عبيد، وأبو ثور، وابن نصر، ومحمد بن الحسن.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أنه نكاح جديد، والطلاق جديد.

                                                                                                                                                                              هذا قول ابن عمر، وابن عباس، وبه قال عطاء بن أبي رباح، والنخعي، وشريح، والنعمان، ويعقوب.

                                                                                                                                                                              وقد احتج بعض من قال بالقول الأول بأنهم قد أجمعوا أن الزوج الأول إن تزوجها قبل أن تنكح زوجا غيره أنها عنده على ما بقي من الطلاق، وأنه غير محتاج إلى زوج يحلها له، فلما أجمعوا على هذه الحال ثم اختلفوا في أمرها إذا نكحت لم يجز أن تنقل عن حالها التي قد أجمعوا عليه إلا بحجة، وقد أجمعوا أن الأول لو كان طلقها ثلاثا أنها تحرم عليه إلا بعد زوج، وكانت حاله في هذه المسألة خلاف حالته في المسألة الأولى؛ لأن للزوج اللاحق في هذه المسألة معنى، فلما افترق المعنيان وجب أن يفرق بين الحكمين، فيجعل حكمها إذا احتاجت إلى زوج يحلها للأول بخلاف حكمها في الحال التي لا تحتاج إلى زوج له حكم. [ ص: 284 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وكذلك أقول للعلل التي ذكرتها غير هذه الفرقة؛ ولأن ذلك قول الأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الخلفاء الراشدين وغيرهم، وبه قال عوام أهل العلم.

                                                                                                                                                                              وفي هذه المسألة قول ثالث قاله النخعي، قال: إن كان دخل بها الأخير فطلاق جديد ونكاح جديد، فإن لم يكن دخل بها فعلى ما بقي. [ ص: 285 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية