الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الرجل يطلق امرأته وهو ينوي ثلاثا

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق، وهو ينوي ثلاثا.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: هي واحدة، وهو أحق بها، هذا قول الحسن، وعمرو بن دينار، وكذلك قال سفيان الثوري، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: إذا نوى ثلاثا فهو ثلاث، كذلك قال مالك بن أنس فيمن تبعه من أهل المدينة، وبه قال الشافعي، وإسحاق، وأبو عبيد، وحكي هذا القول عن عروة بن الزبير وغيره.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وكذلك نقول؛ وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى".

                                                                                                                                                                              وإذا قال من خالف هذا القول في المكني: القول قوله، والبينة بينته، فإذا أراد طلاقا كان طلاقا، فالتصريح أولى أن تستعمل فيه النية.

                                                                                                                                                                              وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من طلق زوجته أكثر من ثلاث أن ثلاثا منها تحرمها عليه.

                                                                                                                                                                              روي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر. [ ص: 162 ]

                                                                                                                                                                              7638 - حدثنا علي بن الحسن، حدثنا عبد الله، عن سفيان، حدثنا سلمة بن كهيل، عن زيد بن وهب، عن عمر بن الخطاب أن رجلا كان يلعب بالمدينة فمر به قوم فقالوا: كم طلقت امرأتك؟ قال: ألفا، فأتي به عمر فسأله فقال: إني ألعب، فضربه بالدرة، وقال: إنما يكفيك من ذلك ثلاث.

                                                                                                                                                                              7639 - حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا ابن نمير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: جاء رجل إلى عبد الله فقال: يا أبا عبد الرحمن، إني طلقت امرأتي تسعة وتسعين، قال: سألت أحدا غيري؟ قال: نعم، قال: فماذا قالوا لك؟ قالوا: هي عليك حرام، قال: لقد أرادوا أن يشقوا عليك، وأن يفرقوا بينك وبين امرأتك، قال: أجل! ثلاث تبينها، وسائرها عدوان.

                                                                                                                                                                              7640 - حدثنا علي بن الحسن، حدثنا عبد الله، عن سفيان، حدثنا عمرو بن مرة، وحدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن عمرو بن مرة، وأخبرنا محمد بن عبد الله، عن ابن وهب، أخبرني سفيان الثوري، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال لرجل طلق امرأته ألفا: ثلاث منها تحرمها عليك، وبقيتها وزرا عليك، اتخذت آيات الله هزوا. [ ص: 163 ]

                                                                                                                                                                              7641 - وأخبرنا محمد بن عبد الله، أخبرنا ابن وهب، أخبرنا [أبو] معشر، عن سعيد المقبري، عن عبد الله بن عمر أنه قال لرجل طلق امرأته مائة مرة: قال: ما اسمك؟ قال: مهر، قال: بل أنت مهير، تأخذ منك ثلاثا، وسبعة وتسعين يحاسبك الله بها يوم القيامة.

                                                                                                                                                                              وهذا قول مالك وأهل المدينة وسفيان الثوري، وسائر أهل الكوفة من أصحاب الرأي وغيرهم، وبه قال الأوزاعي، وأهل الشام، وبه قال الشافعي وأصحابه، وكذلك قال أبو عبيد، وبه نقول. [ ص: 164 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية