الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر وفاة الزوجين بعد القذف قبل أن يلتعن واحد منهما

                                                                                                                                                                              قال الله عز وجل: ( ولكم نصف ما ترك أزواجكم ) إلى قوله: ( ولهن الربع مما تركتم ) . فاختلف أهل العلم في الرجل يقذف زوجته ثم يموت أو تموت قبل اللعان .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: يتوارثان . [ ص: 487 ]

                                                                                                                                                                              كذلك قال عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وحماد بن أبي سليمان، والزهري، وبه قال مالك بن أنس، وأهل الحجاز، وهو قول الليث بن سعد، وأهل مصر، وكذلك قال سفيان الثوري، وأهل العراق، وبه قال الشافعي، وأصحابه، وأبو ثور، وغيره، وهو قول أبي عبيد، وزعم أبو عبيد أن الآية على هذا القول .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: هكذا ظن أبو عبيد وليس كما ظن .

                                                                                                                                                                              وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، روي عن ابن عباس أنه قال: إذا قذفها ثم ماتت المرأة قبل أن يتلاعنا وقف، فإن أكذب نفسه جلد وورث، وإن جاء بالشهود ورث، وإن التعن لم يرث .

                                                                                                                                                                              7772 - حدثنا موسى بن هارون، حدثنا الخليل بن عمرو، حدثنا [عتاب] ، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس في الرجل يقذف امرأته ثم تموت المرأة قبل أن يتلاعنا قال: يوقف فإن أكذب نفسه جلد وورث، وإن جاء بالشهود ورث، وإن التعن لم يرث .

                                                                                                                                                                              وقال الشعبي : إن شاء أكذب نفسه وورث، وإن شاء لاعن ولم يرث، وكذلك قال عكرمة، وقال جابر بن زيد : إذا مات أحدهما قبل الملاعنة إن هي أقرت بما قال رجمت وصار لها الميراث، وإن التعنت [ ص: 488 ] ورثت، فإن لم تقر بواحد منهما تركت فلا ميراث لها ولا حد عليها. وقال قتادة نحوا منه .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الزوج يلتعن دون المرأة يموت أحدهما .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: يتوارثان كذلك قال مالك، وأهل المدينة، وبه قال أصحاب الرأي، وأبو عبيد .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : لا يتوارثان .

                                                                                                                                                                              وبالقول الأول أقول، وذلك أن الزوجية قائمة حتى يأتي الوقت الذي علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سبيل له عليها، وإنما قال ذلك بعد التعانهما، ولا يجوز إزالة زوجية ثابتة قبل ذلك الوقت إلا بحجة، ولا حجة مع من ذكر أن التفريق بينهما يجب بالتعان الزوج وحده .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في القاضي يبدأ بالمرأة قبل الزوج في اللعان، ثم التعن الزوج ففرق الحاكم بينهما .

                                                                                                                                                                              ففي قول الشافعي : لا معنى لالتعان المرأة، ولكن لما التعن الزوج وقعت الفرقة، وتعيد المرأة اللعان إذا أرادت أن تدرأ عن نفسها العذاب. وقال أبو ثور : الفرقة باطل ويستقبلان اللعان .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: هذا خطأ والفرقة جائزة . [ ص: 489 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: لا معنى لالتعان المرأة قبل أن يلتعن الزوج، لأنها بعد التعان الزوج تدرأ عن نفسها العذاب، وليس التعانها قبل أن يلتعن الزوج كذلك .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية