الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اللعان على الخرساء

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يقذف زوجته الخرساء .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: لا لعان بينهما ويضرب الحد. روي هذا القول عن الشعبي، وحكي عن الشعبي أنه قال: لا حد ولا لعان . [ ص: 482 ]

                                                                                                                                                                              وقال أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي: لا حد ولا لعان، وحكي ذلك عن الأوزاعي . وكان الشافعي يقول: قيل له: إن لاعنت فرقنا بينك وبينها، وإن لم تلتعن فهي امرأتك، ولا يجبر على اللعان، وليس لأوليائها أن يطلبوا ذلك .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: أما قوله: ليس لأوليائها أن يطلبوا ذلك فقول صحيح، وأما التفريق بينهما بالتعانه دون التعانها فليس يجب ذلك، لأن النبي عليه السلام إنما قال: "لا سبيل لك عليها" بعد إتمام اللعان فلا يجوز أن يجب ذلك إلا في الوقت الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي لاعنها: "لا سبيل لك عليها" .

                                                                                                                                                                              وإن كان الزوج أخرس يعقل الإشارة أو الجواب أو الكتاب لاعن بالإشارة أو يحد فإن لم يكن يعقل فلا حد ولا لعان .

                                                                                                                                                                              هكذا قال الشافعي . [ ص: 483 ]

                                                                                                                                                                              وكذلك ابن القاسم صاحب مالك، وأبو ثور أن يلاعن بالإشارة أو بالكتاب .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: إذا قذف الأخرس بكتاب أو بإشارة أو بإيماء وذلك منه يعرف فلا حد عليه ولا لعان من قبل أن هذا حد، ولأنه لم يتكلم بالقذف نفسه، وكذلك لو قذفها في كتاب .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: هم يلزمونه الطلاق والبيوع وسائر الأحكام، ولو شاء معتل أن يعتل في جميع ما أجازوه بمثل العلة التي اعتلوا بها في القذف لفعل، وإذ لم يجز ذلك في سائر الأحكام فهو في باب القذف كذلك .

                                                                                                                                                                              وكان سفيان الثوري يقول: إذا قذف الصبي امرأته لم يضرب ولم يلاعن. وكذلك قال مالك والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي، ولا أعلم في ذلك اختلافا. وكذلك نقول .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية